أجيب: بأن معناه أنه مضى من المدة ما لو حصل هناك فلك وشمس لكان المقدار مقدار اليوم كما مر، وقضاء الشيء إتمامه والفراغ منه قال ابن جرير: وإنما سمي الجمعة لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم وخلق السموات والأرض أي: فرغ من ذلك وأتمه ﴿فأوحى﴾ أي: ألقى بطريق خفي وحكم بثبوت قوي ﴿في كل سماء أمرها﴾ أي: الأمر الذي دبرها ودبر منافعها به على نظام محكم لا يختل وزمام مبرم لا ينحل، وقال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلمه إلا الله تعالى. وقال السدي: يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها ولله في كل سماء بيت تحج إليه وتطوف به الملائكة كل واحد منها مقابل للكعبة بحيث لو وقعت منه حصاة لوقعت على الكعبة.
ولما عم خص التي تلينا إشارة إلى تشريفنا فقال تعالى صارفاً القول إلى مظهر العظمة تنبيهاً على ما في هذه الآية من العظم ﴿وزينا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿السماء الدنيا﴾ أي: القربى إليكم لأجلكم ﴿بمصابيح﴾ وهي النيرات التي خلقها الله في السموات وخص كل واحدة بضوء معين وسير معين وطبيعة معينة لا يعلمها إلا الله تعالى ولا ينافي كون الدنيا مزينة بذلك أن تكون النجوم في غيرها مما هو أعلى منها لأن السياق دل على أنها زينة.
وقوله تعالى: ﴿وحفظاً﴾ في نصبه وجهان؛ أحدهما: أنه منصوب على المصدر بفعل مقدر أي: وحفظناها بالثواقب من الكواكب حفظاً، والثاني: أنه مفعول من أجله على المعنى فإن التقدير: وخلقنا الكواكب زينة وحفظاً قال أبو حيان: وهو تكلف وعدول عن السهل البين، والمعنى: وحفظناها من الشياطين الذين يسترقون السمع بالشهب أو من الآفات ﴿ذلك﴾ أي: الأمر الرفيع والشأن البديع ﴿تقدير العزيز﴾ أي: الذي لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء، ﴿العليم﴾ أي: المحيط علماً بكل شيء فالعزيز إشارة إلى كمال القدرة والعليم إشارة إلى كمال العلم.
(١٠/٢١)