وجاء في الحديث الصحيح «أن الله تعالى رفع عن هذه الأمة هذه الأنواع»؟ أجيب: بأنهم لما عرفوا كونهم مشاركين لعاد وثمود في الكفر عرفوا كونهم مشاركين لعاد وثمود في استحقاق مثل تلك الصاعقة، وأن السبب الموجب للعذاب واحد وربما يكون العذاب النازل من جنس ذلك العذاب وإن كان أقل درجة وهذا القدر يكفي في التخويف.
ولما بين تعالى كيفية عقوبة أولئك الكفار في الدنيا أردفه ببيان كيفية عقوبتهم في الآخرة ليحصل تمام الاعتبار في الزجر والتحذير فقال تعالى:
﴿ويوم﴾ أي: واذكر يوم ﴿يحشر﴾ أي: يجمع بكره بأمر قاهر لا كلفة فيه ﴿أعداء الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿إلى النار﴾ وقرأ نافع بنون مفتوحة وضم الشين ونصب أعداء على البناء للفاعل وهو الله تعالى، والباقون بياء الغيبة مضمومة وفتح الشين على البناء للمفعول ورفع أعداء لقيامه مقام الفاعل، وجه الأول أنه معطوف على نجينا فحسن أن يكون على وفقه في اللفظ، ووجه الثاني موافقة قوله تعالى: ﴿فهم﴾ أي: بسبب حشرهم ﴿يوزعون﴾ أي: يساقون ويدفعون إلى النار، وقال قتادة: يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا أي: يوقف سوابقهم حتى تصل إليهم.
ولما بين تعالى إهانتهم بالوزع بين غايتها بقوله تعالى:
﴿حتى إذا ما جاؤوها﴾ أي: النار التي كانوا بها يكذبون، فما زائدة لتأكيد اتصال الشهادة بالحضور، كما قال تعالى: ﴿شهد عليهم﴾ وبين الشاهد وعدده بقوله تعالى: ﴿سمعهم﴾ وأفرد السمع لعدم تفاوت الناس فيه ﴿وأبصارهم﴾ وجمعها لعظم تفاوت الناس فيها ﴿وجلودهم بما كانوا يعملون﴾ أي: يجددون عمله مستمرين عليه.
(١٠/٢٧)


الصفحة التالية
Icon