﴿فإذا الذي بينك وبينه عداوة﴾ عظيمة فاجأته حال كونه ﴿كأنه ولي﴾ أي: قريب فاعل ما يفعله القريب ﴿حميم﴾ أي: في غاية القرب لا يدع مهماً إلا قضاه وسهله ويسره وشفى علله وقرب بعيده وأزال درنه كما يزيل الماء الحار الوسخ، وقيل: نزلت في أبي سفيان بن حرب وكان عدواً مؤذياً لرسول الله ﷺ فأسلم وصار ولياً مصافياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم نبه على عظيم فضل هذه الخصلة بقوله تعالى:
﴿وما يلقاها﴾ أي: على ما هي عليه من العظمة ﴿إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم﴾ من الفضائل النفسانية، وقال قتادة: الحظ العظيم الجنة أي: وما يلقاها إلا من وجبت له الجنة وقوله تعالى:
﴿وإما﴾ فيه إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة ﴿ينزغنك من الشيطان نزغ﴾ قال الزمخشري: النزغ والنسغ بمعنى واحد وهو شبيه النخس، والشيطان ينزغ الإنسان كأنه ينخسه فيبعثه على ما لا ينبغي، وجعل النزغ نازغاً كما قيل: جد جده أو أريد وإما ينزغنك نازغ وصفاً للشيطان بالمصدر أو تسويله، والمعنى: وإن صرفك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن ﴿فاستعذ بالله﴾ أي: استجر بالملك الأعلى من شر الشيطان واطلب من الله الدخول في عصمته مبادراً إلى ذلك وامض على شأنك ولا تطعه وتوكل على الله تعالى ﴿إنه هو﴾ أي: وحده ﴿السميع﴾ أي: لكل مسموع من استعاذتك وغيرها ﴿العليم﴾ أي: بكل معلوم من نزغه وغيره فهو القادر على رد كيده وتوهين أمره ثم استدل على ذلك بقوله تعالى:
﴿ومن آياته﴾ الدالة على وحدانيته وأنه سميع عليم ﴿الليل والنهار﴾ باختلاف هيئتهما على قدرته على البعث وكل مقدور، وقدم الليل على ذكر النهار تنبيهاً على أن الظلمة عدم، والنور وجود والعدم سابق على الوجود، ﴿والشمس والقمر﴾ اللذان هما الليل والنهار، وقدم الشمس على ذكر القمر لكثرة نفعها.
(١٠/٤١)


الصفحة التالية
Icon