﴿إن الذين يلحدون في آياتنا﴾ أي: القرآن على ما لها من العظمة بالطعن والتحريف والتأويل الباطل والإلغاز فيها، وقرأ حمزة بفتح الياء والحاء من لحد، والباقون بضم الياء وكسر الحاء من ألحد يقال: لحد الحافر وألحد إذا مال عن الاستقامة بحفره في شق، فالملحد هو المنحرف، ثم اختص في العرف بالمنحرف عن الحق إلى الباطل، قال مجاهد: يلحدون في آياتنا بالمكاء والتصدية واللغو واللغط، وقال السدي: يعاندون ويشاقون ﴿لا يخفون علينا﴾ أي: في وقت من الأوقات ونحن قادرون على أخذهم متى شئنا أخذنا ولا يعجل إلا من يخشى الفوات، قال مقاتل: نزلت في أبي جهل وقوله تعالى ﴿أفمن يلقى في النار﴾ أي: على وجهه بأيسر أمر ﴿خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة﴾ استفهام بمعنى التقرير والغرض منه التنبيه على أن الملحدين في الآيات يلقون في النار وأن المؤمنين بالآيات يأتون آمنين يوم القيامة حين يجمع الله تعالى عباده للعرض عليه للحكم بينهم بالعدل، قال البغوي قيل: هو حمزة وقيل: هو عثمان وقيل: عمار بن ياسر.
فائدة: أم في الرسم مقطوعة وقوله تعالى: ﴿اعملوا ما شئتم﴾ أي: فقد علمتم مصير المسيء والمحسن تهديد فمن أراد شيئاً من الجزاءين فليعمل أعمله فإنه ملاقيه، وقوله تعالى ﴿إنه بما تعملون﴾ أي: في كل وقت ﴿بصير﴾ أي: عالم بأعمالكم فيه، وعيد بالمجازاة وقوله تعالى:
﴿إن الذين كفروا بالذكر﴾ أي: القرآن ﴿لما جاءهم﴾ بدل من قوله تعالى: ﴿إن الذين يلحدون﴾ أو مستأنف وخبر إن محذوف مثل معاندون أو هالكون أو أولئك ينادون، ولما بالغ تعالى في تهديد الملحدين في آيات القرآن أتبعه ببيان تعظيم القرآن فقال تعالى: ﴿وإنه﴾ أي: والحال إنه ﴿لكتاب﴾ أي: جامع لكل خير ﴿عزيز﴾ أي: فهو كثير النفع عديم النظير يغلب كل ذكر ولا يغلبه ذكر ولا يقرب منه ذلك ويعجز كل معارض ولا يعجز عن إقعاد مناهض، وقال الكلبي: عن ابن عباس رضي الله عنهما كريم على الله تعالى، وقال قتادة: أعزه الله تعالى.