﴿وضل﴾ أي: ذهب وغاب وخفي ﴿عنهم ما كانوا﴾ أي: دائماً ﴿يدعون﴾ في كل حين على وجه العبادة ﴿من قبل﴾ فهم لا يرونه فضلاً عن أنهم يجدون نفعه ﴿وظنوا﴾ أي: في ذلك الحال ﴿ما لهم﴾ وأبلغ في النفي بإدخال الجار على المبتدأ المؤخر فقال: ﴿من محيض﴾ أي: مهرب وملجأ ومعدل، ولما بين تعالى من حال هؤلاء الكفار أنهم بعد أن كانوا مصرين على القول بإثبات الشركاء والأضداد لله تعالى في الدنيا تبرؤوا عن تلك الشركاء في الآخرة، بين تعالى أن الإنسان في جميع الأوقات متغير الأحوال فإن أحس بخير وقدرة تعاظم وإن أحس ببلاء ومحنة ذلّ بقوله تعالى:
(١٠/٥٣)
﴿لا يسأم﴾ أي: لا يمل ولا يعجز ﴿الإنسان﴾ أي: الآنس بنفسه الناظر في إعطافه الذي لم يتأهل للمعارف الإلهية والطرق الشرعية ﴿من دعاء الخير﴾ أي: لا يزال يسأل ربه المال والصحة وغيرهما ﴿وإن مسه الشر﴾ أي: من فقر وشدة وغيرهما ﴿فيؤوس﴾ من فضل الله تعالى ﴿قنوط﴾ من رحمة الله تعالى، والمعنى: أن الإنسان في حال الإقبال لا ينتهي إلى درجة إلا ويطلب الزيادة عليها، وفي حال الإدبار والحرمان يصير آيساً قانطاً، وهذه صفة الكافر لقوله تعالى: ﴿لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون﴾ (يوسف: ٨٧)
تنبيه: في قوله تعالى ﴿يؤوس قنوط﴾ مبالغة من وجهين؛ أحدهما: من طريق فعول، والثاني: من طريق التكرار واليأس من صفة القلب، والقنوط أن تظهر آثار اليأس في الوجه والأحوال الظاهرة، ثم بين تعالى حال هذا الذي صار آيساً قانطاً بقوله تعالى: