﴿ولئن﴾ اللام لام القسم ﴿أذقناه﴾ أي: آتينا ذلك الإنسان ﴿رحمة﴾ أي: غنى وصحة ﴿منا﴾ أي: بما لنا من العظمة والقدرة ﴿من بعد ضراء﴾ أي: شدة وبلاء ﴿مسته﴾ فإنه يأتي بثلاثة أنواع من الأقاويل الفاسدة الموجبة للكفر والبعد من الله تعالى، الأول منها ما حكاه الله بقوله سبحانه: ﴿ليقولن﴾ بمجرد ذوق تلك الرحمة على أنها ربما كانت بلاء عظيماً لكونها استدراجاً إلى الهلاك ﴿هذا﴾ الأمر العظيم ﴿لي﴾ أي: حقي مختص بي وصل إلي لأني استوجبته بعلمي وعملي ولا يعلم المسكين أن أحداً لا يستحق على الله تعالى شيئاً لأنه إن كان عارياً من الفضائل فكلامه ظاهر الفساد، وإن كان موصوفاً بشيء من الفضائل والصفات الحميدة فهي إنما حصلت بفضل الله وإحسانه.
(١٠/٥٤)
النوع الثاني: من كلامه الفاسد قوله: ﴿وما أظن الساعة﴾ أي: القيامة ﴿قائمة﴾ أي: ثابتاً قيامها فقطع الرجاء منها سواء عبر عن ذلك بلسان قاله أو بلسان حاله لكونه يفعل أفعال الشاك فيها، النوع الثالث: من كلامه الفاسد قوله ﴿ولئن﴾ اللام لام القسم ﴿رجعت﴾ أي: على سبيل الفرض أي: أن هذا الكافر يقول لست على يقين من البعث وإن كان الأمر على ذلك ورددت ﴿إلى ربي﴾ أي: الذي أحسن إلي بهذا الخير الذي أنا فيه ﴿إن لي عنده للحسنى﴾ أي: الحالة الحسنى من الكرامة وهي الجنة، فكما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة، ولما حكى الله تعالى عنهم هذه الأقوال الثلاثة الفاسدة قال تعالى شأنه: ﴿فلننبئن﴾ أي: فلنخبرن ﴿الذين كفروا﴾ أي: ستروا ما دلت عليه العقول وصرائح النقول ﴿بما عملوا﴾ لا ندع منه كثيراً ولا قليلاً صغيراً ولا كبيراً فيرون عياناً ضد ما ظنوه من الدنيا من أن لهم الحسنى ﴿وقدمنا إلى ما علموا من عمل فجعلنا هباء منثوراً﴾ (الفرقان: ٢٣)