فكان حالهم في تمكنهم من التصرف في الكتاب بالحفظ والفهم وعدم المنازعة في ادعائه حال الوارث والموروث منه ﴿لفي شك منه﴾ أي: من كتاب لا يعلمونه كما هو لا يؤمنون به حق الإيمان، أو من القرآن فيقولون إنه سحر وشعر وكهانة ونحو ذلك، وقيل: في شك من محمد ﷺ وجرى على ذلك الجلال المحلي ﴿مريب﴾ أي: موقع في التهمة.
﴿فلذلك﴾ أي: التوحيد ﴿فادع﴾ يا أشرف الخلق والناس ﴿واستقم﴾ أي: على الدعوة ﴿كما أمرت﴾ أي: أمرك الله تعالى ﴿ولا تتبع﴾ أي: بعمل ﴿أهواءهم﴾ في شيء ما، فإن الهوى لا يدعو إلى خير، والمقصود من كل أحد أن يفعل ما أمر به ﴿وقل﴾ لجميع أهل الفرق وكل من يمكن له القول فإنك أرسلت إلى جميع الخلق ﴿آمنت بما أنزل الله﴾ أي: الذي له العظمة الكاملة ﴿من كتاب﴾ أي: جميع الكتب المنزلة لا كالكفار الذين آمنوا ببعض وكفروا ببعض، روي أن رجلاً أتى علياً فقال: يا أمير المؤمنين ما الإيمان أو كيف الإيمان قال: الإيمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد والصبر على أربع شعب: على الشوق والشفق والزهادة والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصائب ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات، واليقين على أربع شعب: تبصرة الفطنة وتأويل الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين، فمن تبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة عرف السنة ومن عرف السنة فكأنما كان في الأولين، والعدل على أربع شعب: على غامض الفهم وزهرة الحلم وروضة العلم وعلم الحكم فمن فهم جمع العلم ومن علم لم يضل في الحكم ومن علم عرف شرائع الحلم ومن حلم لم يفرط أمره وعاش في الناس، والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهره، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافقين، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه ومن


الصفحة التالية
Icon