ولما كان ﷺ يهددهم بيوم القيامة ولم يروا لذلك أثراً قالوا على سبيل السخرية: متى تقوم الساعة وليتها قامت حتى يظهر لنا الحق أهو الذي نحن عليه أم الذي عليه محمد وأصحابه؟ قال تعالى: ﴿وما يدريك﴾ أي: يا أكمل الخلق ﴿لعل الساعة﴾ أي: التي يستعجلون بها ﴿قريب﴾ وذكر قريب وإن كان صفة لمؤنث لأن الساعة في معنى الوقت أو البعث، أو على معنى النسب أي: ذات قرب، أو على حذف مضاف أي: مجيء الساعة، قال مكي: ولأن تأنيثها مجازي وهذا ممنوع إذ لا يجوز الشمس طالع ولا القدر فائر.
تنبيه: لعل معلق للفعل عن العمل أي: ما بعده سد مسد المفعولين، ولما ذكر النبي ﷺ الساعة وعنده قوم من المشركين، وقالوا مستهزئين: متى الساعة تقوم؟ نزل قوله تعالى:
﴿يستعجل بها﴾ أي: يطلب أن تكون قبل الوقت المضروب لها ﴿الذين لا يؤمنون بها﴾ أي: لا يتجدد لهم ذلك أصلاً وهم غير مشفقين ويظنون كذب القائل بها ﴿والذين آمنوا﴾ وإن كانوا في أول درجات الإيمان ﴿مشفقون﴾ أي: خائفون خوفاً عظيماً ﴿منها﴾ لأن الله تعالى هداهم بإيمانهم فصارت صدورهم معادن المعارف وقلوبهم منابع الأنوار، فأيقنوا بما فيها من الأهوال الكبار فخافوا للطافتهم أن يكونوا مع صلاحهم من أهل النار ﴿ويعلمون أنها الحق﴾ إعلاماً بأنهم على بصيرة من أمرها لا يستعجلون بها، فالآية من الاحتباك، ذكر الاستعجال أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً والإشفاق ثانياً دليلاً على حذف ضده أولاً.
(١٠/٧٨)