تنبيه: عند ربهم يجوز أن يكون ظرفاً ليشاؤون قاله الحوفي، أو للاستقررار العامل في لهم قاله: الزمخشري: وقوله تعالى: ﴿ذلك﴾ أي: الخير العظيم الرتبة الجليل القدر ﴿هو الفضل الكبير﴾ أي: الذي يصغر ما لغيرهم في الدنيا يدل على أن الجزاء المرتب على العمل إنما حصل بطريق الفضل من الله تعالى لا بطريق الوجوب والاستحقاق وقوله تعالى:
(١٠/٨٤)
﴿ذلك﴾ أي: الجزاء العظيم من الجنة ونعيمها مبتدأ خبره ﴿الذي يبشر الله﴾ أي: الملك الأعظم والعائد وهو به محذوف تفخيماً للمبشر به لأن السياق لتعظيمه بالإشارة ويجعلها بأداة البعد وبالوصف بالذي وذكر الاسم الأعظم والتعبير بلفظ العباد في قوله تعالى ﴿عباده﴾ مع الإضافة إلى ضميره سبحانه.
ولما أشعر بصلاحهم بالإضافة نص عليه بقوله تعالى: ﴿الذين آمنوا﴾ أي: صدقوا بالغيب ﴿وعملوا﴾ تحقيقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ قرأ نافع وابن عامر وعاصم بضم الياء وفتح الباء الموحدة وكسر الشين مشددة، والباقون بفتح الياء وسكون الباء الموحدة وضم الشين مخففة من بشره.
ولما كان كأنه قيل: فما نطلب في هذه البشارة لأن الغالب أن المبشر وإن لم يسأل يعطى بشارته، كما وقع لكعب لما أذن الله تعالى بتوبته ركض راكض على فرس وسعى ساع على رجليه فأوفى على جبل سلع ونادى: يا كعب بن مالك أبشر فقد تاب الله عليك فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءه الذي سمع صوته خلع عليه ثوبيه وهو لا يملك يومئذ غيرهما واستعار له ثوبين قال الله تعالى لنبيه ﷺ ﴿قل﴾ أي: لمن توهم فيك ما جرت به عادة المبشرين ﴿لا أسألكم﴾ أي: الآن ولا في مستقبل الزمان ﴿عليه﴾ أي: البلاغ بشارة أو نذارة ﴿أجراً﴾ أي: وإن قل ﴿إلا﴾ أي: لكن أسألكم ﴿المودة﴾ أي: المحبة العظيمة الواسعة ﴿في القربى﴾ أي: مظروفة فيها بحيث تكون القربى موضعاً للمودة وظرفاً لها لا يخرج شيء من محبتكم عنها.
(١٠/٨٥)


الصفحة التالية
Icon