تنبيه: في الآية ثلاثة أقوال؛ أولها: قال الشعبي: أكثر الناس علينا في هذه الآية فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عن ذلك فكتب ابن عباس: أن رسول الله ﷺ كان وسط النسب من قريش ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده، وكان له فيهم قرابة فقال الله عز وجل ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً﴾ على ما أدعوكم إليه إلا أن تودوا القربى، أي: تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة والمعنى: أنكم قربى وأحق من أجابني وأطاعني فإذ قد أبيتم ذلك فاحفظوا حق القربى وصلوا رحمي ولا تؤذوني، وإلى هذا ذهب مجاهد وقتادة وغيرهما.
ثانيها: روى الكلبي عن ابن عباس: «أن النبي ﷺ لما قدم المدينة كانت تنوبه نوائب وحقوق وليس في يده سعة» فقالت الأنصار: «إن هذا الرجل هداكم وهو ابن أخيكم وجاركم في بلدكم فاجمعوا له طائفة من أموالكم ففعلوا ثم أتوه بها فردها عليهم» ونزل قوله تعالى ﴿قل لا أسألكم عليه﴾ أي: على الإيمان أجراً إلا المودة في القربى أي: لا تؤذوا قرابتي وعترتي واحفظوني فيهم قاله سعيد بن جبير وعمرو بن شعيب، ثالثها: قال الحسن: معناه إلا أن توادوا الله تعالى وتتقربوا إليه بالطاعة والعمل الصالح، فالقربى على القول الأول: القرابة التي بمعنى الرحم وعلى الثاني: بمعنى الأقارب وعلى الثالث: فعلى بمعنى القرب والتقرب والزلفى، فإن قيل: طلب الأجر على تبليغ الوحي لا يجوز لوجوه؛ أحدها: أنه تعالى حكى عن أكثر الأنبياء التصريح بنفي طلب الأجر فقال تعالى في قصة نوح: ﴿وما أسألكم عليه من أجر﴾ (الفرقان: ٥٧)
الآية، وكذا في قصة هود وصالح ولوط وشعيب عليهم الصلاة والسلام، ورسولنا أفضل الأنبياء فأن لا يطلب الأجر على النبوة والرسالة أولى، ثانيها: أنه ﷺ صرح بنفي طلب الأجر فقال: ﴿قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين﴾ و﴿قل ما سألتكم من أجر فهو لكم﴾ (سبأ: ٤٧)
(١٠/٨٦)