ولما وصف تعالى حال الكفار حكى ما يقوله المؤمنون فيهم فقال تعالى: ﴿وقال﴾ أي: في ذلك الموقف الأعظم على سبيل التعيير لهم والتبكيت والتوبيخ والتقريع ﴿الذين آمنوا﴾ أي: أوقعوا هذه الحقيقة سواء كان إيقاعهم لها في أدنى الرتب أو أعلاها ﴿إن الخاسرين﴾ أي: الذين كملت خسارتهم ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ بما استغرقها من العذاب ﴿وأهليهم﴾ بمفارقتهم لهم، أما في إطباق العذاب إن كانوا مثلهم في الخسران أو في دار الثواب إن كانوا من أهل الإيمان ﴿يوم القيامة﴾ أي: هو يوم فوت التدارك لأنه للجزاء لا للعمل لفوات شرطه بفوات الإيمان بالغيب لانكشاف الغطاء، وهذا القول يحتمل أن يكون واقعاً في الدنيا أو يوم القيامة إذا رأوهم على تلك الصفة وقوله تعالى: ﴿ألا إن الظالمين﴾ أي: الراسخين في هذا الوصف ﴿في عذاب مقيم﴾ أي: دائم يحتمل أن يكون من تمام كلام المؤمنين وأن يكون تصديقاً من الله تعالى لهم.
(١٠/١١١)
﴿وما كان﴾ أي: ما صح ووجد ﴿لهم﴾ وأغرق في النفي فقال تعالى: ﴿من أولياء﴾ أي: فما لهم من ولي لأن النصرة إذا انتفت من الجمع انتفت من الواحد من باب أولى ﴿ينصرونهم﴾ أي: يوجدون نصرهم في وقت من الأوقات ﴿من دون الله﴾ أي: الملك الأعظم، أي: لا في الدنيا بأن يقدروا على إنقاذهم من وصف الظلم ولا في الآخرة بإنقاذهم من العذاب ﴿ومن يضلل الله﴾ أي: يوجد إضلاله إيجاداً بليغاً بما أفاده الفك على سبيل الاستمرار بعدم البيان أو بعدم التوفيق بعد البيان ﴿فما له﴾ بسبب إضلال من له جميع صفات الكمال وأغرق تعالى في النفي بقوله سبحانه: ﴿من سبيل﴾ أي: طريق إلى الحق في الدنيا وإلى الجنة في الآخرة.
ولما ذكر تعالى الوعد والوعيد ذكر بعده ما هو المقصود فقال تعالى: