﴿والذي نزل﴾ أي: بحسب التدريج ولولا قدرته تعالى الباهرة لكان دفعة واحدة أو قريباً منها ﴿من السماء﴾ أي: المحل العالي ﴿ماء﴾ أي: لزرعكم وثماركم وشرابكم بأنفسكم وأنعامكم ﴿بقدر﴾ أي: بقدر حاجتكم إليه من غير زيادة ولا نقصان لا كما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أغرقهم ﴿فأنشرنا﴾ أي: أحيينا ﴿به﴾ أي: الماء ﴿بلدة﴾ أي: مكاناً يجتمع فيه للإقامة يعتنون بإحيائه يتعاونون على دوام إبقائه ﴿ميتاً﴾ أي: كان قد يبس نباته وعجز أهله عن إيصال الماء إليه ليحيا به، قال البقاعي: ولعله أنث البلد وذكر الميت إشارة إلى أن بلوغها في الضعف والموت بلغ الغاية بضعف أرضه في نفسها وضعف أهله عن إحيائه.
﴿كذلك﴾ أي: مثل هذا الإخراج العظيم الذي شاهدتموه في النبات ﴿تخرجون﴾ من قبوركم أحياء، والمعنى: أن هذا الدليل كما دل على قدرة الله تعالى وحكمته فكذلك يدل على قدرته على البعث والقيامة، ووجه التشبيه: أنه جعلهم أحياء بعد الإماتة كهذه الأرض التي انتشرت بعدما كانت ميتة، وقيل: بل وجه التشبيه أن يعيدهم ويخرجهم من الأرض بماء كالمني كما تنبت الأرض بماء المطر قال ابن عادل: وهذا ضعيف لأن ظاهر لفظ الإشارة الإعادة فقط دون هذه الزيادة. ثم شرع تعالى في إكمال ما تقتضيه الحال من الأوصاف فقال عز من قائل:
(١٠/١٢٨)


الصفحة التالية
Icon