﴿وجعلوا له من عباده﴾ الذين أبدعهم كما أبدع غيرهم ﴿جزأ﴾ أي: ولداً هو لحصرهم في الأنثى أحد قسمي الأولاد، وكل ولد فهو جزء من والده قال ﷺ «فاطمة بضعة مني»، ومن كان له جزء كان محتاجاً فلم يكن إلهاً وذلك لقولهم: الملائكة بنات الله فثبت بذلك طيش عقولهم وسخافة آرائهم، وقرأ شعبة: بضم الزاي والباقون بسكونها وهما لغتان وإذا وقف حمزة نقل حركة الهمزة إلى الزاي.
ولما كان هذا في غاية الغلط من الكفر قال مؤكداً لإنكارهم أن يكون كفراً ﴿إن الإنسان﴾ أي: هذا النوع الذي هو بعضه ﴿لكفور مبين﴾ أي: بين الكفر في نفسه مناد عليها بالكفر وقوله تعالى:
﴿أم اتخذ﴾ أي: أعالج هو نفسه فأخذ هو بعد المعالجة وهو خالق الخلق كلهم ﴿مما يخلق﴾ أي: يجدد إبداعه في كل وقت ﴿بنات﴾ استفهام توبيخ وإنكار أي: فلم يقدر بعد التكلف والتعب على غير البنات التي هي أبغض الجزأين إليكم ثم عطف على قوله تعالى اتخذ ليكون منفياً على أبلغ وجه لكونه في حيز الإنكار ﴿وأصفاكم﴾ وهو السيد الكامل وأنتم عبيده أي: خصكم ﴿بالبنين﴾ اللازم من قولكم السابق ثم بين كون البنات أبغض إليهم بقوله تعالى:
﴿وإذا﴾ أي: جعلوا ذلك والحال أنه إذا ﴿بشر﴾ أي: من أي: مبشر كان ﴿أحدهم﴾ أي: أحد هؤلاء البعداء البغضاء ﴿بما ضرب﴾ أي: جعل ﴿للرحمن﴾ الذي لا نعمة على شيء من الخالق ألا وهي منه ﴿مثلاً﴾ أي: شبهاً بنسبة البنات إليه لأن الولد يشبه الوالد، والمعنى إذا أخبر أحدهم بالبنت تولد له ﴿ظل﴾ أي: صار ﴿وجهه مسوداً﴾ أي: شديد السواد لما يعتريه من الكآبة ﴿وهو كظيم﴾ أي: ممتلئ غماً فكيف تنسب البنات إليه تعالى، هذا ما لا يرضى عاقل أن يمر بفكره فضلاً عن أن يتفوه به وقوله تعالى:
(١٠/١٣٢)


الصفحة التالية
Icon