﴿ولما جاءهم الحق﴾ أي: الكامل في حقيقته بمطابقة الواقع إياها من غير إلباس ولا اشتباه وهو القرآن العظيم ﴿قالوا﴾ مكابرة وعناداً وحسداً من غير وقفة ولا تأمل ﴿هذا﴾ مشيرين إلى الحق الذي يطابقه الواقع فلا شيء أثبت منه وهو القرآن الكريم ﴿سحر﴾ أي: خيال لا حقيقة له ﴿وإنا به كافرون﴾ أي: عريقون في ستره بخصوصه حتى لا يعرفه أحد ولا يكون له تابع. ثم ذكر تعالى نوعاً آخر من كفرهم بقوله تعالى:
﴿وقالوا لولا﴾ أي: هلا ﴿نزل﴾ يعني من المنزل الذي ذكره محمد ﷺ وعينوا مرادهم ونفوا اللبس فقالوا: ﴿هذا القرآن﴾ أي: الذي جاء به محمد ﷺ وادعى أنه جامع لكل خير ﴿على رجل من القريتين﴾ أي: مكة والطائف ﴿عظيم﴾ لأنهم قالوا: منصب الرسالة منصب شريف لا يليق إلا برجل شريف وصدقوا في ذلك إلا أنهم ضموا إليه مقدمة فاسدة، وهي: أن الرجل الشريف عندهم هو الذي يكون كثير المال والجاه، ومحمد ﷺ ليس كذلك فلا تليق رسالة الله تعالى به، وإنما يليق هذا المنصب برجل عظيم الجاه كثير المال يعنون الوليد بن المغيرة بمكة، وعروة بن مسعود بالطائف، قال قتادة، وقال مجاهد: عتبة بن ربيعة من مكة وعبد يا ليل الثقفي من الطائف، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هو الوليد بن المغيرة من مكة ومن الطائف حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي.
تنبيه: قوله تعالى: ﴿من القريتين﴾ فيه حذف مضاف قدره بعضهم من رجلي القريتين، وقيل: من إحدى القريتين، وقيل: المراد عروة بن مسعود الثقفي كان بالطائف وكان يتردد بين القريتين فنسب إلى كليهما، ثم رد الله تعالى عليهم إعراضهم منكراً عليهم موبخاً لهم بما معناه أنه ليس الأمر مردوداً ولا موقوفاً عليهم بل إلى الله تعالى وحده والله أعلم حيث يجعل رسالاته بقوله تعالى:
(١٠/١٤٠)


الصفحة التالية
Icon