﴿وأنهم﴾ أي: القرناء ﴿ليصدونهم﴾ أي: العاشين ﴿عن السبيل﴾ أي: الطريق الذي من حاد عنه هلك لأنه لا طريق له في الحقيقة سواه ﴿ويحسبون﴾ أي: العاشون مع سيرهم في المهالك لتزيين القرناء بإحضار الحظوظ والشهوات وإبعاد المواعظ ﴿أنهم مهتدون﴾ أي: غريقون في هذا الوصف لما يستدرجون به من التوسعة عليهم والتضييق على الذاكرين.
تنبيه: ذكر الإنسان والشيطان بلفظ الجمع لأن قوله تعالى: ﴿ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً﴾ فهو له قرين يفيد: الجمع وإن كان اللفظ على الواحد، قال أبو حيان: الظاهر أن ضميري النصب في وأنهم ليصدونهم: عائدان على مَنْ من حيث معناها وأما لفظها أولاً فأفراد في له وله ثم راعى معناها فجمع في قوله تعالى: ﴿وإنهم ليصدونهم﴾ والضمير المرفوع على الشيطان لأن المراد به: الجنس ولأن كل كافر معه قرينه، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة: بفتح السين والباقون بكسرها وقرأ:
(١٠/١٤٧)
﴿حتى إذا جاءنا﴾ نافع وابن عامر وأبو بكر: بمد الهمزة بعد الجيم على التثنية أي: جاء العاشي والشيطان، والباقون بغير مد إفراد أي: جاء العاشي ﴿قال﴾ أي: العاشي تندماً وتحسراً لا انتفاع له به لفوات محله وهو دار العمل ﴿يا ليت بيني وبينك﴾ أي: أيها القرين ﴿بعد المشرقين﴾ أي: ما بين المشرق والمغرب على التغليب قاله ابن جرير وغيره، أو مشرق الشتاء والصيف أي بعد أحدهما عن الآخر ثم سبب عن هذا التمني قوله جامعاً له أنواع المذام ﴿فبئس القرين﴾ والمخصوص بالذم محذوف أي: أنت لأنك الذي قد أضللتني وأوصلتني إلى هذا العيش الضنك والمحل الدحض قال أبو سعيد الخدري: «إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصيرا إلى النار» وفي فاعل قوله تعالى:
﴿ولن ينفعكم اليوم﴾ قولان أحدهما: أنه ملفوظ به وهو أنكم وما في حيزها والتقدير: ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب بالتأسي كما ينفعكم الاشتراك في مصائب الدنيا فيتأسى المصاب بمثله ومنه قول الخنساء: