﴿واسأل من أرسلنا﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن﴾ أي: غيره ﴿آلهة يعبدون﴾ فقال رسول الله ﷺ لا أسأل قد اكتفيت ولست شاكاً فيه. وهذا قول الزهري وسعيد بن جبير وأبي زيد: قالوا جمع له الرسل ليلة أسري به وأمر أن يسألهم فلم يسأل ولم يشك. وقال أكثر المفسرين: سل مؤمني أهل الكتاب الذين أرسلت إليهم الأنبياء عليهم السلام هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد وهو قول مجاهد وقتادة والسدي، ولم يسأل النبي ﷺ على واحد من القولين لأن المراد من الأمر بالسؤال التقرير لمشركي قريش أنه لم يأت رسول من الله تعالى ولا كتاب بعبادة غير الله تعالى.
ولما طعن كفار قريش في نبوة محمد ﷺ وبكونه فقيراً معدماً عديم الجاه والمال بين الله تعالى أن موسى عليه السلام بعد أن أورد المعجزات القاهرة التي لا يشك في صحتها عاقل أورد عليه فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال تعالى:
﴿ولقد أرسلنا﴾ أي: بما ظهر من عظمتنا ﴿موسى﴾ أي: الذي كان يرى فرعون أنه أحق الناس بعظمته لأنه رباه وكفله ﴿بآياتنا﴾ التي قهر بها عظماء الخلق وبجابرتهم فدل ذلك على صحة دعواه ﴿إلى فرعون﴾ الذي ادعى أنه الرب الأعلى ﴿وملائه﴾ أي: القبط ﴿فقال﴾ أي: بسبب إرسالنا ﴿إني رسول رب العالمين﴾ أي: مالكهم ومدبرهم ومربيهم فقالوا له: ائت بآية فأتى بها.
﴿فلما جاءهم بآياتنا﴾ أي: بآيتي اليد والعصا اللتين شاهدوا فيهما عظمتنا ودلهم ذلك على قدرتنا على جميع الآيات ﴿إذا هم﴾ أي: بأجمعهم ﴿منها يضحكون﴾ أي: فاجؤا المجيء بها من غير توقف ولا تأمل بالضحك سخرية واستهزاء، قيل: إنه لما ألقى عصاه صارت ثعباناً فلما أخذه وصار عصا كما كانت ضحكوا.
ولما أعرض عليهم اليد البيضاء ثم عادت كما كانت ضحكوا:
(١٠/١٥٢)


الصفحة التالية
Icon