﴿وما﴾ أي: والحال إنا ما ﴿نريهم﴾ على ما لنا من الجلال والعلو وأغرق في النفي بإثبات الجار فقال تعالى: ﴿من آية﴾ أي: من آيات العذاب كالطوفان وهو ماء دخل بيوتهم ووصل إلى حلوق الجالسين سبعة أيام والجراد وغير ذلك ﴿الا هي أكبر﴾ أي: في الرتبة ﴿من أختها﴾ أي: التي تقدمت عليها بالنسبة إلى علم الناظرين لها ﴿وأخذناهم﴾ أي: أخذ قهر وغلبة ﴿بالعذاب﴾ أي: أنواع العذاب كالدم والقمل والضفادع والبرد الكبار الذي لم يعهد مثله ملتهباً بالنار وموت الإبكار فكانت آيات على صدق موسى عليه السلام بما لها من الإعجاز، وعذاباً لهم في الدنيا موصولاً بعذاب الآخرة فيا لها من قدرة باهرة وحكمة ظاهرة ﴿لعلهم يرجعون﴾ أي: ليكون حالهم عندنا إذا نظرهم الجاهل بالعواقب حال من يرجى رجوعه.
﴿و﴾ لما عاينوا العذاب ﴿قالوا﴾ لموسى أي: قال فرعون بالمباشرة وأتباعه بالموافقة له: ﴿يا أيها الساحر﴾ فنادوه بذلك في تلك الحالة لشدة شكيمتهم وفرط حماقتهم، أو لأنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحراً ﴿ادع لنا ربك﴾ أي: المحسن إليك بما يفعل معك من هذه الأفعال التي نهيتنا بها إكراماً لك ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿عهد عندك﴾ أي: من كشف العذاب عنا إن آمنا ﴿إننا لمهتدون﴾ أي: مؤمنون.
﴿فلما كشفنا﴾ أي: على ما لنا من العظمة التي ترهب الجبال ﴿عنهم العذاب﴾ أي: الذي أنزلناه بهم ﴿إذا هم ينكثون﴾ أي: فاجؤا الكشف بتجدد النكث بإخلاف بعد إخلاف.
﴿ونادى فرعون﴾ أي: زيادة على نكثه ﴿في قومه﴾ أي: الذين هم في غاية القيام معه وأمر كلاً منهم أن يشيع قوله إشاعة تعم البعيد والقريب فتكون كأنها مناداة إعلاماً بأنه مستمر على الكفر لئلا يظن بعضهم أنه رجع فيرجعون.
(١٠/١٥٤)


الصفحة التالية
Icon