﴿وقالوا آلهتنا﴾ أي: التي نعبدها من الأصنام ﴿خير أم هو﴾ قال قتادة: يعنون محمداً ﷺ فنعبده ونطيعه ونترك آلهتنا، وقال السدي وابن زيد: يعنون عيسى عليه السلام قالوا: توهم محمد أن كل ما نعبد من دون الله فهو في النار فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزير والملائكة في النار قال الله تعالى: ﴿ما ضربوه﴾ أي: المثل ﴿لك إلا جدلا﴾ أي: خصومة بالباطل لعلمهم أن لفظ ما لغير العاقل فلا يتناول من ذكروه ﴿بل هم قوم﴾ أي: أصحاب قوة على القيام فيما يحاولونه ﴿خصمون﴾ أي: شديدُ الخصام.
روى الإمام أحمد عن أبي أمامة قال رسول الله ﷺ «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدال». وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم يصدون بكسر الصاد، والباقون بضمها وهما بمعنى واحد يقال صد يصد ويصد كعكف يعكف ويعكف وعرش يعرش ويعرش، وقيل: الضم من الصدود وهو الإعراض، وقرأ الكوفيون: آلهتنا بتحقيق الهمزتين، والباقون بتسهيل الثانية واتفقوا على إبدال الثانية ألفاً، ثم إنه تعالى بين أن عيسى عبد من عبيده الذين أنعم عليهم بقوله تعالى:
﴿إن﴾ أي: ما ﴿هو﴾ أي: عيسى عليه السلام ﴿إلا عبد﴾ أي: وليس هو بإله ﴿أنعمنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿عليه﴾ أي: بالنبوة والإقدار على الخوارق ﴿وجعلناه﴾ أي: بما خرقنا به العادة في ميلاده وغير ذلك من آياته ﴿مثلاً﴾ أي: أمراً عجيباً كالمثل لغرابته من أنثى فقط بلا واسطة ذكر كما خلقنا آدم من غير ذكر وأنثى وشرفناه بالنبوة ﴿لبني إسرائيل﴾ الذين هم أعرف الناس به، بعضهم بالمشاهدة، وبعضهم بالنقل القريب المتواتر فيعرفون به قدرة الله تعالى على ما يشاء حيث خلقه من غير أبٍ.
(١٠/١٦٠)