ولما كانت خاصة الملك أن يكون له ما لا يصل إليه غيره بوجه أصلاً قال محققاً لملكه لجميع ما سواه ومن سواه وملكه له، ولم يعد العطف لأن العرش من السموات ﴿رب العرش﴾ أي: المختص به لكونه خاصة الملك الذي وسع كرسيه السموات والأرض ﴿عما يصفون﴾ أي: يقولون من الكذب من أن له ولداً أو شريكاً وذلك أن إله العالم يجب أن يكون واجب الوجود لذاته، وكل ما كان كذلك فهو لا يقبل التجزي بوجه من الوجوه، والولد عبارة عن أن ينفصل عن الشيء جزء فيتولد عن ذلك الجزء شخص مثله وهذا إنما يعقل فيمن تكون ذاته قابلة للتجزي والتبعيض، وإذا كان ذلك محالاً في حق إله العالم امتنع إثبات الولد.
ولما ذكر تعالى هذا البرهان القاطع قال تعالى مسبباً عن ذلك:
﴿فذرهم﴾ أي: اتركهم على أسوأ أحوالهم ﴿يخوضوا﴾ أي: يفعلوا في باطلهم فعل الخائض في الماء ﴿ويلعبوا﴾ أي: يفعلوا فعل اللاعب في دنياهم ﴿حتى يلاقوا﴾ أي: يفعلوا بتصرم أعمارهم في فعل ما لا ينفعهم فعل المجتهدين في أن يلقوا ﴿يومهم الذي يوعدون﴾ أي: بوعد لا خلف فيه وهو يوم القيامة فيظهر فيه وعيدهم والمقصود منه التهديد لأنه تعالى ذكر الحجة القاطعة على فساد ما ذكروا فلم يلتفتوا إليها لأجل استغراقهم في طلب المال والجاه والرياسة، فاتركهم في ذلك الباطل واللعب حتى يصلوا إلى ذلك اليوم الموعود به ثم زاد في التنزيه فقال تعالى:
(١٠/١٧٦)


الصفحة التالية
Icon