﴿تلك﴾ أي: الآيات المذكورة ﴿آيات الله﴾ أي: حجج المحيط بصفات الكمال التي لا شيء أجل منها الدالة على وحدانيته ﴿نتلوها﴾ أي: نقصها ﴿عليك﴾ سواء أكانت مرئية أو مسموعة ملتبسة ﴿بالحق﴾ أي: الأمر الثابت الذي لا يستطاع تحويله ليس بسحر ولا كذب ﴿فبأي حديث﴾ أي: خبر عظيم صادق يتجدد علمه به يستحق أن يتحدث به واستغرق كل حديث فقال تعالى ﴿بعد الله﴾ أي: حديث الملك الأعظم وهو القرآن ﴿وآياته﴾ أي: حججه ﴿يؤمنون﴾ أي: كفار مكة أي: لا يؤمنون، وقرأ ابن عامر وشعبة والكسائي بتاء الخطاب رأوا أن ذلك الخطاب صرف إلى خطاب النبي ﷺ في قوله تعالى ﴿نتلوها عليك بالحق﴾، والباقون بياء الغيبة ردوه على قوله تعالى ﴿وفي خلقكم﴾ وهو أقوى تبكيتاً.
ولما بين الآيات للكفار وبين أنهم إذا لم يؤمنوا بها بعد ظهورها فبأي حديث بعدها يؤمنون؟ أتبعه بوعيد عظيم لهم فقال تعالى:
﴿ويل لكل أفاك﴾ أي: مبالغ في صرف الحق عن وجهه ﴿أثيم﴾ أي: مبالغ في اكتساب الإثم وهو أن يبقى مصراً على الإنكار والاستكبار، قال المفسرون: يعني النضر ابن الحارث والآية عامة فيمن كان موصوفاً بهذه الصفة وفسر هذا بقوله تعالى:
﴿يسمع آيات الله﴾ أي: دلالات الملك الأعظم الظاهرة حال كونها ﴿تتلى عليه﴾ بجميع ما فيها وهي القرآن من سهولة فهمها وعذوبة ألفاظها وظهور معانيها وجلالة مقاصدها مع الإعجاز وهي القرآن العظيم، فكيف إذا كان التالي أشرف الخلق، وقرأ حمزة والكسائي بإمالة محضة وورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بالفتح ﴿ثم يصر﴾ أي: يدوم دواماً عظيماً على قبح ما هو فيه حال كونه ﴿مستكبراً﴾ أي: طالباً للكبر عن الإذعان وموجداً له ﴿كأن﴾ أي: كأنه ﴿لم يسمعها﴾ أي: حاله عند السماع وقبله وبعده على حد سواء ﴿فبشره﴾ أي: على هذا الفعل الخبيث ﴿بعذاب أليم﴾ أي: مؤلم، والبشارة على الأصل أو التهكم، وقرأ ابن كثير وحفص ﴿أليم﴾ بالرفع والباقون بالجر.
(١٠/٢١٣)