﴿وإذا علم﴾ أي: بلغه ﴿من آياتنا﴾ أي: القرآن ﴿شيئاً﴾ وعلم أنه من آياتنا ﴿اتخذها هزواً﴾ أي: مهزواً بها.
تنبيه: في الضمير المؤنث وجهان؛ أحدهما: أنه عائد على ﴿آياتنا﴾ يعني القرآن، والثاني: أنه يعود على ﴿شيئاً﴾ وإن كان مذكراً لأنه بمعنى الآية كقول أبي العالية:

*نفسي بشيء من الدنيا معلقة الله والقائم المهدي يكفيها*
لأنه أراد بشيء جاريةً يقال لها: عنبة، والمعنى: اتخذ ذلك الشيء هزواً إلا أنه تعالى قال: ﴿اتخذها﴾ للإشعار بأن هذا الرجل إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات المنزلة على محمد ﷺ خاض في الاستهزاء بجميع الآيات ولم يقتصر على الاستهزاء بذلك الواحد وقوله تعالى ﴿أولئك لهم عذاب مهين﴾ أي: ذو إهانة إشارة إلى معنى ﴿كل أفاك أثيم﴾ (الشعراء: ٢٢٢)
ليدخل فيه جميع الأفاكين، فحمل أولاً على لفظها فأفراد ثم على معناها فجمع كقوله تعالى ﴿كل حزب بما لديهم فرحون﴾ (الروم: ٣٢)
ثم وصف تعالى كيفية ذلك العذاب فقال:
﴿من ورائهم﴾ أي: أمامهم لأنهم في الدنيا ﴿جهنم﴾ قال الزمخشري: والوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام قال:
*أليس ورائي إن تراخت منيتي أدبّ مع الولدان أزحف كالنسر*
(١٠/٢١٤)


الصفحة التالية
Icon