ومنه قوله تعالى ﴿من ورائهم﴾ أي: من قدامهم ا. ه ثم بين تعالى أن ما سلكوه في الدنيا لا ينفعهم بقوله تعالى: ﴿ولا يغني﴾ أي: ولا يدفع ﴿عنهم ما كسبوا﴾ من الأموال في رحلهم ومتاجرهم والأولاد ﴿شيئاً﴾ من الإغناء. وقوله تعالى: ﴿ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء﴾ أي: من الأوثان عطف على ﴿ما كسبوا﴾ و﴿ما﴾ فيهما إما مصدرية، أو بمعنى الذي أي: لا يغني عنهم كسبهم ولا اتخاذهم أو الذي كسبوه ولا الذي اتخذوه ﴿ولهم عذاب عظيم﴾ أي: لا يدع جهة من جهاتهم ولا زماناً من أزمانهم ولاعضواً من أعضائهم إلا ملأه، فإن قيل: قال تعالى في الأول ﴿مهين﴾ وفي الثاني ﴿عظيم﴾ فما الفرق بينهما؟ أجيب: بأن كون العذاب مهيناً يدل على حصول العذاب مع الإهانة، وكونه عظيماً يدل على كونه بالغاً إلى أقصى الغايات في الضرر وقوله تعالى:
﴿هذا هدى﴾ إشارة إلى القرآن يدل عليه قوله تعالى ﴿والذين كفروا بآيات ربهم﴾ هي القرآن أي: هذا القرآن كامل في الهداية كما تقول: زيد رجل أي: كامل في الرجولية وأيما رجل ﴿لهم عذاب﴾ كائن ﴿من رجز﴾ أي: شديد العذاب ﴿أليم﴾ أي: بليغ الإيلام.
ولما ذكر تعالى ذكر الربوبية ذكر بعض آثارها وما فيها من آياته فقال مستأنفاً دالاً على عظمتها بالاسم الأعظم:
(١٠/٢١٥)