﴿الله﴾ أي: الملك الأعلى المحيط بجميع صفات الكمال ﴿الذي سخر﴾ أي: وحده من غير حول منكم ولا قوة في ذلك بوجه من الوجوه ﴿لكم البحر﴾ أيها الناس بركم وفاجركم بما جعل فيه مما لا يقدر عليه إلا واحد لا شريك له فاعل بالاختيار من القابلية للسير فيه من الرقة والليونة ﴿لتجري الفلك﴾ أي: السفن ﴿فيه بأمره﴾ أي: بإذنه ولو كانت موقرة بأثقال الحديد الذي يغوص فيه أخف شيء منه كالإبرة وما دونها، ففي ذلك دلالة ظاهرة على وحدانيته لأن جريان الفلك على وجه الماء لا يحصل إلا بثلاثة أشياء؛ أحدها: الرياح التي توافق المراد، وثانيها: خلق وجه الماء على الملامسة التي تجري عليها الفلك، وثالثها: خلق الخشبة على وجه تبقى طافية على وجه الماء ولا تغرق فيه، وهذه الأحوال لا يقدر عليها أحد من البشر ﴿ولتبتغوا﴾ أي: تطلبوا بشهوة نفس واجتهاد بما تحملون فيه من البضائع وتتوصلون إليه من الأماكن والمقاصد بالصيد والغوص على اللؤلؤ والمرجان وغير ذلك ﴿من فضله﴾ لم يصنع شيئاً منه سواه ﴿ولعلكم تشكرون﴾ نعمه على ذلك.
(١٠/٢١٦)