﴿من عمل صالحاً﴾ قل أو جل ﴿فلنفسه﴾ أي: خاصة عمله يرى جزاءه في الدنيا والآخرة وهو مَثَل ضربه الله تعالى للذين يغفرون ﴿ومن أساء﴾ كذلك ﴿فعليها﴾ خاصة إساءته كذلك، وهذا مثل ضربه الله تعالى للكفار الذين كانوا يؤذون الرسول والمؤمنين، وذلك في غاية الظهور لأنه لا يسوغ في عقل عاقل أن ملكاً يدع عبيده من غير جزاء ولا سيما إذا كان حكيماً، وإن كانت نقائص النفوس غطت على كثير من العقول ذلك ﴿ثم﴾ أي: بعد الابتلاء بالإملاء في الدنيا والحبس في البرزخ ﴿إلى ربكم﴾ أي: الملك المالك لكم لا إلى غيره ﴿ترجعون﴾ أي: تصيرون فيجازي المصلح والمسيء.
﴿ولقد آتينا﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿بني إسرائيل الكتاب﴾ أي: الجامع للخيرات وهو يعم التوراة والإنجيل والزبور وغيرها مما أنزل على أنبيائهم عليهم السلام ﴿والحكم﴾ أي: العلم والعمل الثابتين ثبات الأحكام بحيث لا يتطرق إليهما فساد بما للعلم من الزينة بالعمل وللعمل من الإتقان بالعلم ﴿والنبوة﴾ التي تدرك بها الخيرات العظيمة التي لا يمكن إبلاغ الخلق إليها بلوغ اكتساب منهم فأكثرنا فيهم من الأنبياء عليهم السلام.
(١٠/٢٢٠)
﴿ورزقناهم﴾ بما لنا من العظمة لإقامة أبدانهم ﴿من الطيبات﴾ أي: الحلالات من المن والسلوى وغيرهما ﴿وفضلناهم﴾ أي: بما لنا من العزة ﴿على العالمين﴾ قال أكثر المفسرين: علامي زمانهم، وقال ابن عباس: لم يكن أحد من العالمين أكرم على الله ولا أحب إليه منهم، أي: لما آتاهم من الآيات المرئية والمسموعة وأكثر فيهم من الأنبياء مما لم يفعله بغيرهم ممن سبق وكل ذلك فضيلة ظاهرة.