﴿عربياً﴾ صفة ل ﴿لساناً﴾ وهو المسوّغ لوقوع هذا الجامد حالاً أي: في أعلى طبقات اللسان العربي، مع كونه أسهل الكتب تناولاً، وأبعدها عن التكلف، ليس هو بحيث يمنعه علوّه بفخامة الألفاظ، وجلالة المعاني، ودقة الإشارة عن سهولة الفهم، وقرب التناول. وقوله تعالى: ﴿لينذر﴾ أي: الكتاب بحسن بيانه، وعظم شأنه ﴿الذي ظلموا﴾ أي: سواء كانوا عريقين في الظلم، أم لا وقرأ نافع وابن عامر: بالتاء خطاباً أي: أيها الرسول. والباقون: بالياء غيبة بخلاف عن البزي. ﴿وبشرى﴾ أي: كاملة ﴿للمحسنين﴾ أي: المؤمنين، بأنّ لهم الجنة ولما قرّر دلائل التوحيد والنبوّة، وذكر شبهات المتكبرين وأجاب عنها ذكر بعد ذلك طريقة المحقين. فقال تعالى:
﴿إن الذين قالوا ربنا﴾ أي: خالقنا ومولانا والمحسن إلينا ﴿الله﴾ وحده ﴿ثم استقاموا﴾ أي: جمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم والاستقامة في الأمور التي هي منتهى العلم، و﴿ثم﴾ للدلالة على تأخر رتبة العمل وتوقف اعتباره على التوحيد ﴿فلا خوف عليهم﴾ أي: من لحوق مكروه ﴿ولاهم يحزنون﴾ أي: على فوات محبوب، والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط. ﴿أولئك﴾ أي: العالون الدرجات ﴿أصحاب الجنة خالدين فيها﴾ خلوداً لا آخر له جوزوا بذلك ﴿جزاءً بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كانوا﴾ طبعاً وخلقاً ﴿يعملون﴾ أي: على سبيل التجديد المستمر.
ولما كان رضا الله تعالى في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما كما ورد به الحديث حث عليه بقوله تعالى:
(١١/١٥)
﴿ووصينا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿الإنسان﴾ أي: هذا النوع الذي أنس بنفسه ﴿بوالديه﴾ وقرأ: ﴿حسناً﴾ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بضم الحاء وسكون السين. وقرأ الكوفيون بسكون الحاء وقبلها همزة مكسورة وفتح السين وبعدها ألف، فهو منصوب على المصدر بفعل مقدّر، أي: وصيناه أن يحسن إليهما إحساناً، ومثله حسناً. وقرأ:


الصفحة التالية
Icon