وقوله تعالى: ﴿وليوفيهم أعمالهم﴾ أي: جزاءها معلله محذوف، تقديره: جازاهم بذلك. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو وهشام، وعاصم: بالياء التحتية أي: الله والباقون بالنون أي نحن وقوله تعالى: ﴿وهم لا يظلمون﴾ أي: شيئاً بنقص للمؤمنين ولا بزيادة للكافرين (والواو) إمّا استئناف وإمّا حال مؤكدة.
﴿ويوم﴾ أي: واذكر يا أفضل الخلق لهؤلاء يوم يعرضون هكذا كان الأصل. ولكنه تعالى أظهر الوصف الذي أوجب لهم الخزي بقوله تعالى: ﴿يعرض الذين كفروا على النار﴾ أي: يصلون لهيبها ويقلبون فيها، كما يعرض اللحم الذي يشوى وقيل: تعرض عليهم النار ليروا أهوالها، مقولاً لهم على سبيل التنديم والتقريع والتوبيخ والتشنيع؛ لأنهم لم يذكروه تعالى حق ذكره عند شهواتهم بل نالوها عند مخالفة أمره سبحانه وتعالى. ﴿أذهبتم طيباتكم﴾ أي: لذاتكم باتباعكم الشهوات. وقرأ ابن كثير وابن عامر قبل الدال: بهمزتين مفتوحتين الأولى: محققة بلا خلاف. والثانية: مسهلة بخلاف عن هشام وأدخل هشام بينهما ألفاً ولم يدخل ابن كثير وابن ذكوان والباقون بهمزة واحدة محققة. ﴿في حياتكم الدنيا﴾ أي: القريبة الدنية المؤذن وصفها لمن يعقل بحياة أخرى بعدها، فكان سعيكم في حركاتكم وسكناتكم لأجلها حتى نلتموها ﴿واستمتعتم﴾ أي: طلبتم وأوجدتم انتفاعكم ﴿بها﴾ وجعلتموها غاية حظكم في رفعتكم ونعمتكم. والمعنى: أن ما قدّر لكم من الطيبات والدرجات فقد استوفيتموه في الدنيا فلم يبق لكم بعد استيفاء حظكم شيء منها وعن عمر رضي الله عنه «لو شئت لكنت أطيبكم طعاماً وأحسنكم لباساً ولكني أستبقي طيباتي» قال الواحدي: إنّ الصالحين يؤثرون التقشف والزهد في الدنيا رجاء أن يكون ثوابهم في الآخرة أكمل لأنّ هذه الآية لا تدل على المنع من التمتع لأنها وردت في حق الكافر وإنما وبخ الله تعالى الكافر لأنه تمتع بالدنيا ولم يؤدّ شكر المنعم فلا يوبخ بتمتعه ويدل على ذلك قوله تعالى: {قل من حرّم زينة الله التي أخرج
(١١/٢٤)


الصفحة التالية
Icon