فإنّ المولى فيه بمعنى المالك ثم ذكر سبحانه وتعالى ما للفريقين بقوله تعالى:
﴿إنّ الله﴾ أي الذي له جميع الصفّات ﴿يدخل الذين آمنوا﴾ أي: أوقعوا التصديق ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لما ادعوا أنهم أوقعوه ﴿الصالحات﴾ أي: الطاعات ﴿جنات﴾ أي: بساتين عظيمة الشأن موصوفة بأنها ﴿تجري من تحتها﴾ أي: من تحت قصورها ﴿الأنهار﴾ فهي دائمة النموّ والبهجة والنضارة والثمرة ﴿والذين كفروا يتمتعون﴾ أي: في الدنيا بالملاذ، كما تتمتع الأنعام ناسين ما أمر الله تعالى به معرضين عن كتابه.
﴿ويأكلون﴾ على سبيل الاستمرار ﴿كما تأكل الأنعام﴾ أي: أكل التذاذ ومرح من أيّ موضع كان وكيف الأكل من غير تمييز الحرام من غيره، إذ ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم، لا يلتفتون إلى الآخرة؛ لأنّ الله تعالى أعطاهم الدنيا، ووسع عليهم فيها، وفرغهم لها حتى شغلتهم عنه هواناً بهم وبغضاً لهم فيدخلهم ناراً وقودها الناس والحجارة كما قال تعالى: ﴿والنار مثوى لهم﴾ أي: منزل ومقام ومصير ولما ضرب الله تعالى لهم مثلاً بقوله تعالى ﴿أفلم يسيروا في الأرض﴾ ولم ينفعهم مع ما تقدم من الدلائل ضرب للنبيّ ﷺ مثلاً تسلية له. فقال تعالى:
(١١/٥٨)
﴿وكأين﴾ أي: وكم ﴿من قرية﴾ أريد أهلها أي: كذبت رسولها ﴿هي أشد قوة﴾ وأكثر عدداً ﴿من قريتك﴾ مكة أي: أهلها وقوله تعالى: ﴿التي أخرجتك﴾ روعي فيه لفظ قرية وقوله تعالى: ﴿أهلكناهم﴾ أي: بأنواع العذاب روعي فيه معنى قرية الأول ﴿فلا ناصر لهم﴾ يدفع عنهم الهلاك. كذلك نفعل بهم فاصبر كما صبر رسلهم قال ابن عباس: «لما خرج رسول الله ﷺ من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال أنت أحب أرض الله إلى الله وأحب بلاد الله إليّ ولو أنّ المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك» فأنزل الله تعالى هذه.


الصفحة التالية
Icon