﴿ذلك﴾ أي: إضلالهم ﴿بأنهم﴾ أي: بسبب أنهم ﴿قالوا﴾ أي: المنافقون ﴿للذين كرهوا﴾ أي: وهم المشركون ﴿ما﴾ أي: جميع ما ﴿نزل الله﴾ أي: الملك الأعظم على التدريج بحسب الوقائع، تنزيلاً في إعجاز الخلق في بلاغة التركيب مع فصاحة المفردات وجزالتها، مع السهولة في النطق، والعذوبة في السمع، والملاءمة للطبع ﴿سنطيعكم في بعض الأمر﴾ أي: أمر المعاونة على عداوة النبي ﷺ وتثبيط الناس عن الجهاد معه قالوا ذلك سراً، فأظهره الله تعالى، ﴿والله﴾ أي: قالوا ذلك والحال أن الملك الأعظم المحيط بكل شيء علما وقدرة ﴿يعلم﴾ أي: على ممر الأوقات ﴿أسرارهم﴾ أي: كلها؛ هذا الذي أفشاه عليهم، وغيره مما في ضمائرهم مما لم يبرز على ألسنتهم ولعلهم لم يعلموه فضلاً عن أقوالهم التي تحدثت بها أنفسهم فبان بذلك أنه لا أديان لهم ولا عقول ولا مروءات. وقرأ حمزة والكسائي وحفص بكسر الهمزة مصدراً والباقون بفتحها جمع سر.
﴿فكيف﴾ أي: حالهم ﴿إذا توفتهم الملائكة﴾ أي: قبضت رسلنا، وهم ملك الموت وأعوانه أرواحهم كاملة وقوله تعالى: ﴿يضربون وجوههم وأدبارهم﴾ تصوير لتوفيهم بما يخافون منه ويجبنون عن القتال له وعن ابن عباس: لا يتوفى أحد على معصية إلا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره. وقوله تعالى:
﴿ذلك﴾ إشارة إلى التوفي الموصوف ﴿بأنهم﴾ أي: بسبب أنهم ﴿اتبعوا﴾ أي: عالجوا فطرتهم الأولى في أن اتبعوا ﴿ما أسخط الله﴾ أي: الملك الأعظم، وهو الكفر وكتمان نعت الرسول ﷺ وعصيان الأمر ﴿وكرهوا﴾ بالإشراك ﴿رضوانه﴾ بكراهتهم أعظم أسباب رضاه وهو الإيمان، فهم لما دونه بالقعود عن الطاعات أكره؛ لأنّ ذلك ظاهر غاية الظهور في أنّ فاعله غير معذور في ترك النظر فيه.
﴿فأحبط﴾ أي: فلذلك تسبب عنه أنه أفسد.
(١١/٧٣)


الصفحة التالية
Icon