﴿أعمالهم﴾ أي: الصالحة فأسقطها بحيث لم يبق لها وزن أصلاً لتضييع الأساس من مكارم الأخلاق؛ من القرى والأخذ بيد الضعيف والتصدّق والإعتاق وغير ذلك من وجوه الإرفاق.
﴿أم حسب الذين﴾ وكان الأصل أم حسبوا لضعف عقولهم كما أفهمه التعبير بالحسبان ولكنه عبر تعالى بما دلّ على الآفة التي أدّتهم إلى ذلك بقوله تعالى: ﴿في قلوبهم﴾ أي: التي إذا أفسدت فسد جميع أجسادهم ﴿مرض﴾ أي: آفة لا طب لها حسباناً هو في غاية الثبات كما دل عليه التأكيد في قوله تعالى: ﴿أن لن يخرج الله﴾ أي يبرز من هو محيط بصفات الكمال للرسول ﷺ والمؤمنين على سبيل التجديد والاستمرار وقوله تعالى: ﴿أضغانهم﴾ جمع ضغن، وهي الأحقاد أي أحقادهم على المؤمنين فيبديها حتى تعرفوا نفاقهم وكانت صدورهم تغلي حنقاً عليهم.
(١١/٧٤)
﴿ولو نشاء لأريناكهم﴾ من رؤية البصر وجاء على الأفصح من اتصال الضميرين ولو جاء على أريناك إياهم جاز وقال الرازي الإراءة هنا بمعنى التعريف وقوله تعالى ﴿فلعرفتهم﴾ عطف على جواب لو ﴿بسيماهم﴾ أي: بسبب علاماتهم التي نجعلها غالبة عليهم عالية لهم في إظهار ضمائرهم غلبة لا يقدرون على مدافعتها بوجه ولم يذكرهم سبحانه بأسمائهم إبقاء على قراباتهم المخلصين من الفتن وقوله تعالى ﴿ولتعرفنهم﴾ جواب قسم محذوف ﴿في لحن القول﴾ أي: الصادر منهم، ولحنه فحواه أي معناه وما يدل عليه ويلوح عليه من ميله عن حقائقه إلى عواقبه، وما يؤول إليه أمره مما يخفى على غيرك قال أنس: ما خفي على رسول الله ﷺ بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم. وعن ابن عباس: لحن القول هو قولهم ما لنا إن أطعنا من الثواب ولا يقولون ما علينا إن عصينا وقيل اللحن أن تلحن بكلامك أي تميله إلى نحو من الانحاء ليفطن له صاحبك كالتعريض والتورية قال:
*ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا | واللحن يعرفه ذوو الألباب* |