وقيل للمخطىء: لاحن، لأنه يعدل بالكلام عن الصواب. وقال أبو حيان: كانوا اصطلحوا على ألفاظ يخاطبون بها الرسول ﷺ مما ظاهره حسن ويعنون به القبيح ﴿والله﴾ أي: بما له من الكمال ﴿يعلم أعمالكم﴾ كلها الفعلية والقولية جليها وخفيها علماً ثابتاً غيبياً وعلماً راسخاً شهودياً يتجدّد بحسب تجدّدها مستمرّاً باستمرار ذلك.
(١١/٧٥)
﴿ولنبلونكم﴾ أي: نعاملكم معاملة المبتلى، بأن نخالطكم بما لنا من العظمة بالأوامر الشديدة على النفوس والنواهي الكريهة إليها. ﴿حتى نعلم﴾ أي: بالابتلاء علماً شهودياً يشهده غيرنا مطابقاً لما كنا نعلمه علماً غيبياً، فنستخرج من سرائركم ما جبلناكم عليه مما لا يعلمه أحد منكم بل ولا تعلمونه حق علمه ﴿المجاهدين منكم﴾ في القتال وفي سائر الأعمال والشدائد والأهوال امتثالاً للأمر بذلك ﴿والصابرين﴾ أي: على شدائد الجهاد وغيره من الأنكاد قال القشيري: فبالابتلاء والامتحان تتبين جواهر الرجال فيظهر المخلص ويفتضح المماذق وينكشف المنافق ا. ه.
وعن الفضيل: أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهم لا تبلنا فإنك إن بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا وعذبتنا ﴿ونبلو أخباركم﴾ أي: نخالطها بأن: نسلط عليها من يحرفها فيجعل حسنها قبيحاً وقبيحها حسنا ليظهر للناس العامل لله والعامل للشيطان، فإنّ العامل لله إذا سمى قبيحه باسم الحسن علم أنّ ذلك إحسان من الله تعالى إليه فيستحي منه ويرجع، وإذا سمى حسنه باسم القبيح وأشهر به علم أنّ ذلك لطف من الله تعالى به لكي لا يدركه العجب أو يهاجمه الرياء فيزيد في إحسانه، والعامل للشيطان يزداد في القبائح، لأنّ شهرته عند الناس محط نظره ويرجع عن الحسن لأنه لم يوصله إلى ما أراد به من ثناء الناس عليه بالخير.
(١١/٧٦)