﴿فلا تهنوا﴾ أي: تضعفوا ضعفاً يؤدّي بكم إلى الهوان والذلّ ﴿وتدعوا﴾ أعداءكم ﴿إلى السلم﴾ أي: المسالمة وهي الصلح ﴿وأنتم﴾ أي: والحال أنكم ﴿الأعلون﴾ أي: الظاهرون الغالبون قال الكلبي: آخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات. وأصل الأعلون الأعليون فأعلّ وقرأ حمزة وشعبة بكسر السين والباقون بفتحها ثم عطف على الحال قوله تعالى ﴿والله﴾ أي: الملك الأعظم الذي لا يعجزه شيء ولا كفء له ﴿معكم﴾ أي: بنصره ومعونته وجميع ما يفعله الكريم إذا كان مع عبده ومن علم أنه سيده وعلم أنه قادر على ما يريد لم يبال بشيء أصلاً ﴿ولن يتركم﴾ أي: ينقصكم ﴿أعمالكم﴾ أي: ثوابها كما يفعل مع أعدائكم في إحباط أعمالهم، لأنكم لم تبطلوا أعمالكم بجعل الدنيا محط أمركم.
(١١/٧٩)
﴿إنما الحياة﴾ وأشار إلى دناءتها تنفيراً عنها بقوله: ﴿الدنيا﴾ أي: الاشتغال بها ﴿لعب﴾ أي: أعمال ضائعة سافلة تزيد في السرور ما يسرع اضمحلاله فيبطل من غير ثمرة ﴿ولهو﴾ أي: مشغلة يطلب بها إثارة اللذة كالغناء ﴿وإن تؤمنوا وتتقوا﴾ أي: تخافوا فتجعلوا بينكم وبين غضبه سبحانه وتعالى وقاية من جهاد أعدائه، وذلك من أعمال الآخرة ﴿يؤتكم﴾ أي: الله سبحانه الذي فعلتم ذلك من أجله في الدار الآخرة ﴿أجوركم﴾ أي: ثواب كل أعمالكم ببنائها على الأساس، ولأنه غنيّ لا ينقصه الإعطاء ﴿ولا يسألكم﴾ أي: الله في الدنيا ﴿أموالكم﴾ أي: لنفسه ولا كلها لغيره، بل يقتصر على جزء يسير مما تفضل به عليكم كربع العشر وعشره.