وقوله تعالى: ﴿معكوفاً﴾ أي: محبوساً حال وقوله تعالى: ﴿أن يبلغ محله﴾ أي: مكانه الذي ينحر فيه عادة وهو الحرم بدل اشتمال ﴿ولولا رجال﴾ أي: مقيمون بين أظهر الكفار بمكة ﴿مؤمنون﴾ أي: غريقون في الإيمان فكانوا لذلك أهلاً للوصف بالرجولية ﴿ونساء مؤمنات﴾ أي: كذلك حبس الكل عن الهجرة العذر لأنّ الكفار لكثرتهم استضعفوهم فمنعوهم الهجرة، على أنّ ذلك شامل لمن جبله الله تعالى على الخير وعلم منه الإيمان وإن كان في ذلك الوقت كافراً ﴿لم تعلموهم﴾ أي: لم يحط علمكم بهم من جميع الوجوه لتميزوهم بأعيانهم عن المشركين لأنهم ليس لهم قوّة التمييز منهم وأنتم لا تعرفون أماكنهم لتعاملوهم بما هم له أهل ولا سيما في حال الحرب والطعن والضرب ثم أبدل من الرجال والنساء قوله تعالى: ﴿أن تطؤهم﴾ أي تؤذوهم بالقتل أو ما يقاربه من الجراح والضرب والنهب ونحو ذلك.
ومنه قوله ﷺ «اللهمّ أشدد وطأتك على مضر» ﴿فتصيبكم﴾ أي: فيتسبب عن هذا الوطء أن تصيبكم ﴿منهم﴾ أي: من جهتهم وبسببهم ﴿معرّة﴾ أي: مكروه كوجوب الدية والكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتغيير الكفار بذلك والإثم بالتقصير في البحث مفعلة من عرّه إذا عراه ما يكرهه وقوله تعالى: ﴿بغير علم﴾ متعلق بأن تطؤوهم أي: غير عالمين بهم وجواب لولا محذوف لدلالة الكلام عليه.
والمعنى ولولا كراهة أن تهلكوا أناساً مؤمنين بين أظهر الكافرين جاهلين بهم فيصيبكم بإهلاكهم مكروه لما كف أيديكم عنهم.
فإن قيل: أي: معرة تصيبهم إذا قتلوهم وهم لا يعلمون، أجيب: بأنهم يصيبهم وجوب الدية والكفارة وسوء قالة المشركين إنهم فعلوا بأهل دينهم مثل ما فعلوا بنا من غير تمييز والمأثم إذا جرى منهم بعض التقصير.
(١١/١٢٠)


الصفحة التالية
Icon