﴿ادخلوها﴾ عائد إلى الجنة وقوله تعالى: ﴿بسلام﴾ حال من فاعل ادخلوها أي سالمين من العذاب والهموم فهي حال مقارنة أو بسلام من الله تعالى وملائكته عليهم فهي حال مقدرة كقوله تعالى ﴿فادخلوها خالدين﴾ (الزمر: ٧٣)
(١١/١٩٨)
كذا قيل. قال ابن عادل: وفيه نظر إذ لا مانع من مقارنة تسليم الملائكة عليهم حال الدخول بخلاف فادخلوها خالدين فإنه لا يعقل الخلود إلا بعد الدخول ﴿ذلك﴾ أي: اليوم الذي حصل فيه الدخول ﴿يوم الخلود﴾ أي: الدوام في الجنة الذي لا آخر له ولا نفاد لشيء من لذاته أصلاً ولذلك وصل به قوله تعالى جواباً لمن قال على أيّ وجه خلودهم.
﴿لهم﴾ بظواهرهم وبواطنهم ﴿ما يشاؤون﴾ أي: تتجدد مشيئتهم أو يمكن مشيئتهم له ﴿فيها﴾ أي: الجنة ﴿ولدينا﴾ أي: عندنا من الأمور التي هي في غاية الغرابة عندهم وإن كان كل ما عندهم مستغرباً ﴿مزيد﴾ أي: مما لا يدخل تحت أوهامهم ليشاؤوه فإن شياق الامتنان يدل على أنّ تنوينه للتعظيم والتعبير ب﴿لدي﴾ يؤكد ذلك فإن قيل: ما الحكمة في أنه تعالى قال: ﴿ادخلوها بسلام﴾ على المخاطبة ثم قال لهم ولم يقل لكم أجيب: من وجوه أولها: أن قوله تعالى: ﴿ادخلوها﴾ فيه مقدر أي فيقال لهم ادخلوها فلا يكون التفاتاً.
ثانيها: أنه التفات والحكمة الجمع بين الطرفين كأنه تعالى يقول غير مخلّ بهم في غيبتهم وحضورهم ففي حضورهم الحبور في غيبتهم الحور والقصور.
ثالثها: أنه يجوز أن يكون قوله تعالى لهم كلاماً مع الملائكة يقول للملائكة توكلوا بخدمتهم واعلموا أنّ لهم ما يشاءون فيها فأحضروا بين أيديهم ما يشاؤون وأما أنا فعندي ما لا يخطر ببالهم ولا تقدرون أنتم عليه. والمزيد يحتمل أن يكون معناه الزيادة كقوله تعالى: ﴿للذين أحسنوا الحسنى وزيادة﴾ (يونس: ٢٦)


الصفحة التالية
Icon