﴿إن في ذلك﴾ أي: فيما ذكر في هذه السورة من الأساليب العجيبة والطرق الغريبة ﴿لذكري﴾ أي: تذكيراً عظيماً جدّاً ﴿لمن كان﴾ أي: كوناً عظيماً ﴿له قلب﴾ أي عقل في غاية العظمة فهو بحيث يفهم ما يراه ويعتبر به ومن لم يكن كذلك فلا قلب له سليم بل له قلب لاه ﴿أو ألقى السمع﴾ أي: استمع الوعظ بغاية إصغائه حتى كأنه يرمي بشيء ثقيل من علو إلى سفل ﴿وهو﴾ أي: والحال أنه في حال إلقائه ﴿شهيد﴾ أي: حاضر بكليته فهو في غاية ما يكون من تصويب الفكر وجمع الخاطر فلا يغيب عنه شيء مما تلي عليه وألقي إليه فيتذكر وعطف على قوله تعالى: ﴿ولقد خلقنا الإنسان﴾ قوله تعالى:
﴿ولقد خلقنا﴾ أي بما لنا من العظمة التي لا يقدر قدرها ولا يطاق حصرها ﴿السموات والأرض﴾ أي: على ما هما عليه من الكبر وكثرة المنافع ﴿وما بينهما﴾ من الأمور التي لا ينتظم الأمر على قاعدة الأسباب والمسببات بدونها ﴿في ستة أيام﴾ الأرض في يومين. ومنافعها في يومين والسموات في يومين ولو شاء لكان ذلك في أقل من لمح البصر ولكنه تعالى سنّ لنا التأنّي بذلك ﴿وما مسنا﴾ لأجل مالنا من العظمة أدنى مس. وعمم في النفي فقال تعالى: ﴿من لغوب﴾ أي: إعياء فإنه لو كان لاقتضى ضعفاً فاقتضى فساداً فكان من ذلك شيء على غير ما أردناه فكأن تصرفنا فيه غير تصرفنا في الباقي وأنتم تشاهدون الأمر في الكل على حد سواء من نفوذ الأمر وتمام التصرّف.
(١١/٢٠١)
﴿فاصبر﴾ يا أشرف الخلق ﴿على ما يقولون﴾ أي: اليهود وغيرهم من إنكار البعث والتشبيه وغير ذلك فإنّ من قدر على خلق العالم بلا إعياء قدر على البعث وغيره ﴿وسبح﴾ أي: أوقع التنزيه عن كل شائبة نقص ملتبساً ﴿بحمد ربك﴾ أي: بإثبات الإحاطة بجميع صفات الكمال للسيد المدبر المحسن إليك بجميع هذه البراهين التي خصك بها مفضلاً لك على جميع الخلق وقوله تعالى: ﴿قبل طلوع الشمس وقبل الغروب﴾ إشارة إلى طرفي النهار.


الصفحة التالية
Icon