وقيل قدّم السائل لتجانس رؤوس الآي. وقيل: السائل هو الآدمي، والمحروم كل ذي روح غيره من الحيوانات المحترمة قال ﷺ «في كل كبد حراء أجر» وهذا ترتيب حسن لأنّ الآدمي مقدّم على البهائم، وقال ابن عباس وسعيد بن المسيب: السائل الذي يسأل الناس والمحروم الذي ليس له في الغنائم سهم ولا يجري عليه من الفيء شيء، وقال قتادة والزهري: المحروم المتعفف الذي لا يسأل الناس وقال زيد بن أسلم: المحروم هو المصاب ثمره أو زرعه أو نسل ماشيته وهو قول محمد بن كعب القرظي قال: المحروم صاحب الجائحة ثم قرأ ﴿إنا لمغرومون بل نحن محرومون﴾ (الواقعة: ٦٦ ـ ٦٧)
﴿وفي الأرض﴾ أي من الجبال والبحار والأشجار والثمار والنبات وغيرها ﴿آيات﴾ أي دلالات على قدرة الله تعالى ووحدانيته ﴿للموقنين﴾ أي الذين صار الإيقان لهم غريزة ثابتة فهم لذلك يتفطنون لرؤية ما فيها قال القشيري: من الآيات فيها أنها تحمل كل شيء، فكذلك العارف يحمل كل أحد ومن استثقل أحداً أو تبرم برؤية أحد فلغيبته عن الحقيقة ومطالعته الخلق بعين التفرقة، وأهل الحقائق لا يتصفون بهذه الصفة، ومن الآيات فيها أنه يلقي عليها كل قذر وقمامة فتنبت كل زهر ونور فكذلك العارف بتشرّب ما يسقى من الجفاء ولا يترشح إلا بكل خلق حسن عليّ وشيمة زكية.
﴿وفي أنفسكم﴾ آيات أيضاً من مبدإ خلقكم إلى منتهاه، وما في تركيب خلقكم من العجائب ﴿أفلا تبصرون﴾ أي: بأبصاركم وبصائركم فتتأمّلوا ما في ذلك من الآيات فمن تأمّلها علم أنه عبد، ومتى علم ذلك علم أن له ربّاً غير محتاج إلى أحد.
(١١/٢١٥)


الصفحة التالية
Icon