﴿فما وجدنا فيها﴾ أي: تلك القرى، أسند الأمر إليه تشريفاً لرسله وإعلاماً بأنّ فعلهم فعله تعالى ﴿غير بيت﴾ أي: واحد وهو بيت ابن أخي إبراهيم عليهما السلام، وقيل: كانت عدّة الناجين منهم ثلاثة عشر ﴿من المسلمين﴾ أي: العريقين في إسلام الظاهر والباطن لله تعالى من غير اعتراض أصلاً، وهم إبراهيم وآله عليهم السلام وإنهم أوّل من وجد منهم الإسلام الأتم وتسموا به كما مرّ في سورة البقرة، وسموا به أتباعهم فكان هذا البيت الواحد صادقاً عليه الإيمان الذي هو التصديق والإسلام الذي هو الإنقياد قال البغوي: وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعاً لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم يعني لما بينهما من التلازم وإن اختلف المفهومان، وقال الأصفهاني: وقيل: كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر وقيل: هم لوط وابنتاه وصفوا بالإيمان والإسلام أي هم مصدّقون بقلوبهم عاملون بجوارحهم الطاعات.
تنبيه: في الآية إشارة إلى أنّ الكفر إذا غلب والفسق إذا فشا لا تنفع معه عبادة المؤمنين، بخلاف ما لو كان أكثر الخلق على الطريقة المستقيمة وفيهم شرذمة يسيرة يسرقون ويزنون ومثاله: أنّ العالم كالبدن، ووجود الصالحين كالأغذية الباردة والحارة والسموم والواردة عليه الضارة، ثم إنّ البدن إذا خلا عن النافع وفيه الضار هلك وإن خلا عن الضار وفيه النافع طاب ونما، وإن وجدا فيه معاً فالحكم للأغلب، وإطلاق الخاص على العام لا مانع منه لأنّ المسلم أعم من المؤمن، فإذا سمى المؤمن مسلماً لا يدل على اتحاد مفهوميهما فكأنه تعالى قال: أخرجنا المؤمنين فما وجدنا الأعم منهم إلا بيتاً من المسلمين، ويلزم من هذا أن لا يكون هناك غيرهم من المؤمنين.
(١١/٢٢٥)


الصفحة التالية
Icon