ثم بيّن من يقع عليه العذاب بقوله تعالى ﴿فويل﴾ أي: شدة عذاب ﴿يومئذ﴾ أي: يوم إذ يكون ما تقدّم ذكره ﴿للمكذبين﴾ أي: الغريقين في التكذيب للرسل.
﴿الذين هم﴾ من بين الناس بظواهرهم وبواطنهم ﴿في خوض﴾ أي: أقوالهم وأفعالهم أفعال الخائض في الماء فهو لا يدري أين يضع رجله ﴿يلعبون﴾ فاجتمع عليهم أمران موجبان للباطل الخوض واللعب فهم بحيث لا يكاد يقع لهم قول ولا فعل في موضعه فلا يؤسس على بيان أو حجة.
فإن قيل: أهل الكبائر لا يكذبون فمقتضى ذلك أنهم لا يعذبون. أجيب بأنّ ذلك العذاب لا يقع على أهل الكبائر لقوله تعالى ﴿كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا﴾ (الملك: ٨ ـ ٩)
فالمؤمن لا يلقى فيها إلقاء هوان وإنما يدخل فيها للتطهير إدخالاً مع نوع إكرام فالويل إنما هو للمكذبين.
وقوله تعالى: ﴿يوم يدعون﴾ بدل من يوم تمور السماء أو من يومئذ قبله تقديره: فويل يومئذ يوم يدعون، أي: يدفعون دفعاً عنيفاً بجفوة وغلظة من كل من يقيمه الله تعالى لذلك ذاهبين ومتهيئين ﴿إلى نار جهنم﴾ وهي الطبقة التي تلقاهم بالعبوسة والكراهة وأكد المعنى وحققه بقوله تعالى ﴿دعّاً﴾.
قال البغوي: وذلك أنّ خزنة جهنم يغلون أيديهم إلى أعناقهم ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ثم يدفعون دفعاً على وجوههم وزجاً في أقفيتهم مقولاً لهم تبكيتاً وتوبيخاً ﴿هذه النار﴾ أي: الجسم المحرق المفسد لما اتى عليه الشاغل عن اللعب ﴿التي كنتم بها﴾ في الدنيا ﴿تكذبون﴾ على التجدّد والاستمرار.
(١١/٢٤٥)