ومن الصغائر النظر المحرم وكذب لا حد فيه ولا ضرر، والإشراف على سوآت الناس، وهجر المسلم فوق ثلاث والضحك في الصلاة المفروضة، والنياحة وشق الجيب في المصيبة والتبختر في المشي والجلوس بين الفساق إيناساً لهم، وإدخال مجانين وصبيان ونجاسة يغلب تنجيسهم المسجد، واستعمال نجاسة في بدن أو ثوب لغير حاجة، والإصرار على صغيرة من نوع أو أنواع يصيرها كبيرة إلا أن تغلب طاعاته معاصيه كما أوضحت ذلك في شرح المنهاج وغيره.
﴿إنّ ربك﴾ أي: المحسن إليك بإرسالك رحمة للعالمين والتخفيف عن أمتك ﴿واسع المغفرة﴾ يغفر الصغائر باجتناب الكبائر، ويغفر الكبائر بالتوبة وله أن يفغر ما شاء من الذنوب ما عدا الشرك صغيرها وكبيرها كما قال تعالى: ﴿إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ (النساء: ٤٨)
بخلاف غيره من الملوك فإنه لا يغفر لمن تكرّرت ذنوبه إليهم وإن صغرت قال البيضاويّ: ولعله عقب به وعيد المسيئين لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته ولا يتوهم وجوب العقاب على الله تعالى ا. ه. ونزل فيمن كان يقول صلاتنا صيامنا حجنا ﴿هو أعلم بكم﴾ أي: بذواتكم وأحوالكم منكم بأنفسكم ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿أنشأكم من الأرض﴾ أي: التي طبعها طبع الموت البرد واليبس بإنشاء أبيكم آدم عليه السلام منها، وتهيئتكم للتكوين بعد أن لم يكن فيكم وأنتم تراب قابلية للحياة بقوة قريبة ولا بعيدة أصلاً فميز التراب الذي يصلح لتكوينكم منه والذي لا يصلح ﴿وإذ﴾ أي: وحين ﴿أنتم أجنة﴾ أي: مستورون ﴿في بطون أمهاتكم﴾ فهو يعلم إذ ذاك ما أنتم صائرون إليه من خير وشرّ وإن عملتم مدة من العمر بخلافه، لأنه يعلم ما جبلكم عليه من ذلك.
وقرأ حمزة والكسائيّ في الوصل بكسر الهمزة والباقون بضمها، وكسر حمزة الميم وفتحها الباقون، وأما في الابتداء بالهمزة فالجميع بضمها.
(١١/٢٩٢)