الآية وقال ابن مسعود ومقاتل: هي مدنية كلها قال ابن عادل: والأوّل أصح لما روى عروة بن الزبير قال: أول من جهر بالقرآن بمكة بعد النبي ﷺ ابن مسعود، وذلك أن الصحابة قالوا: ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر به قط فمن رجل يسمعهموه، فقال ابن مسعود: أنا فقالوا نخشى عليك وإنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه، فأبى ثم قام عند المقام فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الرحمن علم القرآن﴾ ثم تمادى بها رافعاً صوته وقريش في أنديتها فتأملوا وقالوا: ما يقول ابن أم عبد؟ قالوا: هو يقول الذي يزعم محمد أنه أنزل عليه ثم ضربوه حتى أثروا في وجهه، وصح أنّ النبيّ ﷺ «قام يصلي الصبح بنخلة فقرأ بسورة الرحمن، ومرّ النفر من الجن فآمنوا به» وهي سبع وثمانون آية وثلاثمائة، وإحدى وخمسون كلمة وألف وستمائة وستة وثلاثون حرفاً.
﴿بسم الله﴾ الذي ظهرت إحاطة كماله بما ظهر من عجائب مخلوقاته؛ ﴿الرحمن﴾ الذي ظهر عموم رحمته بما بهر من بدائع مصنوعاته؛ ﴿الرحيم﴾ الذي ظهر اختصاصه لأهل طاعته بما تحققوا من الذلّ المفيد للعز بلزوم عباداته.
ولما كانت هذه السورة مقصورة على تعداد النعم الدنيوية والأخروية صدرها بقوله تعالى:
(١١/٣٤٠)
﴿علم﴾ أي: من شاء ﴿القرآن﴾ وقدم من نعمه الدينية ما هو أعلى مراتبها وأقصى مراقبها وهو إنعامه تعالى بالقرآن العظيم، وتنزيله وتعليمه لأنه أعظم وحي الله تعالى رتبة، وأعلاها منزلة، وأحسنه في أبواب الدين أثراً؛ وهو سنام الكتب السماوية، ومصداقها والعيار عليها.
تنبيه: أول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها؛ لأنّ آخر تلك مليك مقتدر، وأوّل هذه أنه رحمن. قال سعيد بن جبير وعامر والشعبي: الرحمن: فاتحة ثلاث سور إذا جمعن كن اسماً من أسماء الله تعالى الر، وحم، ون، فيكون مجموع هذه الرحمن.l


الصفحة التالية
Icon