﴿هل جزاء الإحسان﴾ أي: بالطاعة من الإنس والجن وغيرهما ﴿إلا الإحسان﴾ أي: بالثواب؛ وقال ابن عباس: هل جزاء من قال لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد ﷺ إلا الجنة؛ وعن أنس بن مالك قال: قرأ رسول الله ﷺ ﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾ ثم قال: «أتدرون ما قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: يقول: هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة».
ورى الواحدي بغير سند عن ابن عمر وابن عباس: أنّ رسول الله ﷺ قال: في هذه الآية يقول الله عز وجل هل جزاء من أنعمت عليه بمعرفتي وتوحيدي إلا أن أسكنه جنتي وحظيرة قدسي برحمتي.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ الكريم الرحيم الجامع لأوصاف الكمال ﴿تكذبان﴾ أبشيء من هذه النعم الجزيلة أم بغيرها؟.
(١١/٣٨١)
﴿ومن دونهما﴾ أي: من أدنى مكان ورتبة تحت جنتي هؤلاء المحسنين المقربين ﴿جنتان﴾ أي: لكل واحد ممن دون هؤلاء المحسنين من الخائفين، وهم أصحاب اليمين؛ وقال أبو موسى الأشعري: جنتان من ذهب للسابقين، وجنتان من فضة للتابعين؛ وقال ابن جريج هي أربع جنان جنتان للمقرّبين السابقين فيهما من كل فاكهة زوجان؛ وجنتان: لأصحاب اليمين والتابعين فيهما فاكهة ونخل ورمان. وقال الكسائي ومن دونهما أي أمامهما وقبلهما يدلّ عليه قول الضحاك: الجنتان الأوليان من ذهب وفضة والأخريان من ياقوت؛ وعلى هذا فهما أفضل من الأوليين؛ وإلى هذا القول ذهب أبو عبد الله الترمذي الحكيم في نوادر الأصول. وقال: ومعنى ﴿ومن دونهما جنتان﴾ أي: دون هذا إلى العرش أي: أقرب وأدنى إلى العرش. وقال مقاتل: الجنتان الأوليان جنة عدن، وجنة النعيم، والأخريان الفردوس، وجنة المأوى.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ أي: المحسن بنعمه لجميع خلقه ﴿تكذبان﴾ أبشيء مما تفضل به عليكم أم بغيره؟.


الصفحة التالية
Icon