ثم قال في آخر الصفة ﴿تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام﴾ أي: هذا لاسم الذي افتتح به هذه السورة، كأنه يعلمهم أنّ هذا كله خرج لكم من رحمتي، فمن رحمتي خلقتكم، وخلقت لكم السماء والأرض والخليقة والجنة والنار فهذا كله لكم من اسم الرحمن فمدح اسمه فقال تعالى: ﴿تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام﴾ أي: جليل في ذاته كريم في أفعاله وقرأ ابن عامر: بالواو رفعاً صفة للاسم والباقون بالياء خفضاً صفة لرب، فإنه هو الموصوف بذلك. روى الثعلبي عن علي أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن جلّ ذكره». وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري: من أنه ﷺ قال: «من قرأ سورة الرحمن أدى شكر ما أنعم الله عليه» حديث موضوع.
سورة الواقعة
مكية
في قول الحسن وعكرمة وجابر وعطاء؛ وقال ابن عباس وقتادة: إلا آية منها نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى: ﴿وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون﴾ وقال الكلبي: مكية إلا أربع آيات؛ منها آيتان ﴿أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون﴾ نزلتا في سفره إلى مكة؛ وقوله تعالى: ﴿ثلة من الأوّلين وثلة من الآخرين﴾ نزلتا في سفره إلى المدينة، وقدّمنا أنّ في المدني والمكي اصطلاحين، وأنّ المشهور أنّ المكي ما نزل قبل الهجرة؛ والمدني ما نزل بعدها وهي ست وتسعون آية؛ قال الجلال المحلي: وهي ست أو سبع أو تسع وتسعون آية وثلاثمئة وثمان وتسعون كلمة، وألف وسبع مئة وثلاثة أحرف.
﴿بسم الله﴾ الذي له الكمال كله ففاوت بين الناس في الأحوال ﴿الرحمن﴾ الذي عم بنعمة البيان وفاضل في قبولها بين أهل الإدبار وأهل الإقبال ﴿الرحيم﴾ الذي قرب أهل حزبه ففازوا بمحاسن الأقوال والأفعال.
ولما قسم سبحانه الناس في تلك السورة إلى ثلاثة أصناف مجرمين وسابقين ولاحقين، شرح أحوالهم في هذه السورة وبين الوقت الذي يظهر فيه إكرامه وانتقامه بقوله تعالى:
(١١/٣٨٩)