﴿إذا وقعت الواقعة﴾ أي: التي لا بد من وقوعها ولا واقع يستحق أن يسمى الواقعة بلام الكمال وتاء المبالغة غيرها، وهي النفخة الثانية التي يكون عنها البعث الأكبر الذي هو القيامة الجامعة لجميع الخلق، فسميت واقعة لتحقق وقوعها، وقيل: لكثرة ما يقع فيها من الشدائد، وانتصاب إذا بمحذوف مثل اذكر أو كان كيت وكيت، وقال الجرجاني: إذا صلة كقوله تعالى: ﴿اقتربت الساعة﴾ (القمر: ١)
و﴿أتى أمر الله﴾ (النحل: ١)
وهو كما يقال: جاء الصوم أي دنا وقرب وقوله تعالى: ﴿ليس لوقعتها كاذبة﴾ مصدر بمعنى الكذب والعرب قد تضع الفاعل والمفعول موضع المصدر كقوله تعالى: ﴿لا تسمع فيها لاغية﴾ (الغاشية: ١١)
أي: لغو والمعنى: ليس لها كذب قاله الكسائي، أو صفة والموصوف محذوف أي: ليس لوقعتها حال كاذبة، أي: كل من يخبر عن وقعتها صادق، أو نفس كاذبة بأن تنفيها كما نفتها في الدنيا وقال الزجاج: ليس لوقعتها كاذبة أي: لا يردها شيء، وقيل: إنّ قيامها جد لا هزل وقوله تعالى: ﴿خافضة رافعة﴾ تقرير لعظمتها وهو خبر لمبتدأ محذوف أي: هي، قال عكرمة ومقاتل: خفضت الصوت فأسمعت من دنا، ورفعت الصوت فأسمعت من نأى يعني: أسمعت القريب والبعيد. وعن السدى خفضت المتكبرين ورفعت المستضعفين.
(١١/٣٩٠)
وقال قتادة: خفضت أقواماً في عذاب الله تعالى ورفعت أقواماً إلى طاعة الله تعالى. وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: خفضت أعداء الله تعالى في النار ورفعت أولياء الله تعالى في الجنة. وقال ابن عطاء: خفضت قوماً بالعدل ورفعت آخرين بالفضل. ولا مانع أنّ كل ذلك موجود فيها والرفع والخفض يستعملان عند العرب في المكان والمكانة والعز والإهانة؛ ونسب سبحانه وتعالى الخفض والرفع إلى القيامة توسعاً ومجازاً على عادة العرب في إضافتها الفعل إلى المحل والزمان وغيرهما مما لا يمكن منه الفعل، يقولون: ليل قائم ونهار صائم وفي التنزيل: ﴿بل مكر الليل والنهار﴾ (سبأ: ٣٣)


الصفحة التالية
Icon