ولما ذكر الناجين بقسميهم أتبعهم أضدادهم بقوله تعالى: ﴿وأصحاب المشأمة﴾ أي: الشمال وهم الذي يؤتون كتبهم بشمائلهم وقوله تعالى: ﴿ما أصحاب المشأمة﴾ تحقير لشأنه بدخولهم النار، وقال السدي: ﴿أصحاب الميمنة﴾ هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، ﴿وأصحاب المشأمة﴾ هم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، والمشأمة الميسرة وكذا الشامة والعرب تقول لليد الشمال: الشؤمي، قال البغوي: ومنه سمى الشأم واليمن، لأنّ اليمن عن يمين الكعبة، والشام عن شمالها؛ وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿أصحاب الميمنة﴾ هم الذين كانوا عن يمين آدم حين أخرجت الذرّية من صلبه، فقال الله تعالى لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي؛ وقال زيد بن أسلم: هم الذين أخذوا من شق آدم الأيمن؛ وقال ابن جريج: ﴿أصحاب الميمنة﴾ هم أصحاب الحسنات ﴿وأصحاب المشأمة﴾ هم ﴿أصحاب السيئات﴾.d
وفي صحيح مسلم من حديث الإسراء عن أبي ذر عن النبيّ ﷺ قال: «فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة قال: فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى قال: فقال: مرحباً بالنبيّ الصالح والابن الصالح، قال: قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: آدم عليه السلام وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه، فأهل اليمين أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار». وذكر الحديث وقال المبرّد: أصحاب الميمنة: أصحاب التقدّم وأصحاب المشأمة: أصحاب التأخر والعرب تقول اجعلني في يمينك ولا تجعلني في شمالك، أي: اجعلني من المتقدّمين، ولا تجعلني من المتأخرين.
(١١/٣٩٣)