(١١/٣٩٧)
ألحقنا بهم ذرياتهم، واشتقاق الثلة وهي مبتدأ من الثل وهو القطع والخبر ﴿على سرر﴾ جمع سرير وهو ما يجعل الإنسان من المقاعد العالية المصنوعة للراحة والكرامة ﴿موضونة﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: منسوجة بالذهب، وقال عكرمة: مشبكة بالدرّ والياقوت؛ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً: موضونة، أي: مصفوفة لقوله تعالى في موضع آخر: ﴿على سرر مصفوفة﴾ وقيل: منسوجة بقضبان الذهب مشبكة بالدرّ والياقوت، والموضونة المنسوجة، وأصله: من وضنت الشيء أي: ركبت بعضه على بعض، ومنه قيل للدرع موضونة لتركب حلقها قال الأعشى:
*ومن نسج داود موضونة | تسير مع الحيّ عيراً فعيراً* |
*إليك تعد وقلقاً وضينها | معترضاً في بطنها جنينها* |
رواه البيهقي. ومناه أن ناقتي تعدو إليك مسرعة في طاعتك قلقاً، وضينها وهو حبل كالجزام من كثرة السير والإقبال التام والاجتهاد البالغ في طاعتك؛ والمراد: صاحب الناقة فيسنّ للمار بوادي محسر أن يقول هذا الكلام الذي قاله عمر رضى الله تعالى عنه.
ولما ذكر تعالى السرر وبين عظمتها ذكر غايتها فقال سبحانه: ﴿متكئين عليها﴾ أي: السرر على الجنب أو غيره كحال من يكون على كرسي فيوضع تحته شيء آخر للإتكاء عليه ﴿متقابلين﴾ فلا ينظر بعضهم إلى قفا بعض، وقال مجاهد وغيره: هذا في المؤمن وزوجته وأهله أي: يتكؤون متقابلين، قال الكلبي طول كل سرير ثلث مئة ذراع، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت فإذا جلس عليها ارتفعت وقيل: إنهم صاروا أرواحاً نورانية صافية ليس لهم أدبار ولا ظهور.
تنبيه: ﴿متكئين عليها متقابلين﴾ حالان من الضمير في على سرر، ويجوز أن تكون حالاً متداخلة فيكون متقابلين حالاً من ضمير متكئين، ثم بين تعالى أنهم في غاية الراحة بقوله تعالى:
(١١/٣٩٨)