﴿يطوف عليهم﴾ أي: لكفاية كل ما يحتاجون إليه ﴿ولدان﴾ أي: على أحسن صورة وزي وهيئة ﴿مخلدون﴾ قد حكم الله تعالى ببقائهم على ما هم عليه من الهيئة على شكل الأولاد قال الحسن والكلبي: لا يهرمون ولا يتغيرون، ومنه قول امرئ القيس:

*وهل ينعمن إلا سعيد مخلد قليل الهموم ما يبيت بأوجال*
(١١/٣٩٩)
وقال سعيد بن جبير: مخلدون مقرّطون، يقال للقرط: الخلد، والقرط ما يجعل في الأذنين من الحلق؛ وقيل: مقرطقون أي ممنطقون من المناطق والمنطقة ما يجعل في الوسط؛ وأكثر المفسرين أنهم على سن واحد أنشأهم الله تعالى لأهل الجنة، يطوفون عليهم نشؤاً من غير ولادة فيها لأنّ الجنة لا ولادة فيها؛ وقال عليّ بن أبي طالب والحسن البصري رضى الله عنهم: الولدان ههنا ولدان المسلمين الذي يموتون صغاراً ولا حسنة لهم ولا سيئة؛ وقال سلمان الفارسي: أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة؛ قال الحسن: لم تكن لهم حسنات يجازون بها ولا سيآت يعاقبون عليها فوضعوا هذا الموضع. والمقصود أن أهل الجنة على أتم السرور والنعمة وقوله تعالى: ﴿بأكواب﴾ متعلق بيطوفون، والأكواب جمع كوب وهي كيزان مستديرة الأفواه بلا عرى ولا خراطيم، لا يعوق الشارب منهاعائق عن شرب من أي موضع. أراد منها، فلا يحتاج أن يحول الإناء عن الحالة التي تناوله بها ليشرب، وقوله تعالى: ﴿وأباريق﴾ جمع إبريق، وهي أوان لها عرى وخراطيم فيها من أنواع المشارب ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، سمى بذلك لبريق لونه من صفائه ﴿وكأس﴾ أي: إناء شراب الخمر ﴿من معين﴾ أي: خمر صافية صفاء الماء ليس يتكلف عصرها جارية من منبع لا ينقطع أبداً.


الصفحة التالية
Icon