﴿ألم تر﴾ أي: تنظر يا أشرف الخلق ﴿إلى الذين تولوا﴾ أي: تكلفوا بغاية جهدهم وهم المنافقون أي جعلوا أولياءهم الذين يتولون لهم أمورهم ﴿قوماً﴾ وهم اليهود ابتغوا عندهم العزة اغتراراً بما يظهر لهم منهم من القوة ﴿غضب الله﴾ أي: الملك الأعلى الذي لا ندّله ﴿عليهم﴾ أي: المتولى والمتولى لهم ﴿ما هم﴾ أي: المنافقون ﴿منكم﴾ أي: المؤمنين ﴿ولا منهم﴾ أي: اليهود بل هم مذبذبون وزاد في الشناعة عليهم بأقبح الأشياء بقوله تعالى: ﴿ويحلفون﴾ أي: المنافقون يجدّدون الحلف على الاستمرار ودل بأداة الاستعلاء على أنهم في غاية الجراءة على استمرارهم على الإيمان الكاذبة بأنّ التقدير مجترئين ﴿على الكذب﴾ في دعوى الإسلام وغير ذلك مما يقعون فيه من عظائم الآثام فإذا عوتبوا عليه بادروا إلى الإيمان ﴿وهم يعلمون﴾ أنهم كاذبون متعمدون.
(١٢/٢٢)
روي «أنّ عبد الله بن نبتل كان يجالس رسول الله ﷺ ثم يرفع حديثه إلى اليهود فبينا رسول الله ﷺ في حجرة من حجره إذ قال لأصحابه: يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان، فدخل ابن نبتل وكان أزرق العينين أسمر قصيراً خفيف اللحية، فقال له النبي ﷺ علام تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل فقال النبي ﷺ فعلت فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه فنزلت».
﴿أعد الله﴾ أي: الذي له العظمة الباهرة فلا كفء له ﴿لهم عذاباً﴾ أي: أمراً قاطعاً لكل عذوبة ﴿شديداً﴾ أي: لا طاقة لهم به ثم علل عذابهم بما دلّ على أنه واقع في أتم مواقعه بقوله تعالى مؤكداً تقبيحاً على من كان يستحسن فعالهم ﴿إنهم ساء﴾ أي: بلغ الغاية بما يسوء ودل على أنّ ذلك لهم كالجبلة بقوله تعالى: ﴿ما كانوا يعملون﴾ أي: يجدّدون عمله مستمرّين عليه لا ينفكون عنه، قال الزمخشري: أو هي حكاية ما يقال لهم في الآخرة
(١٢/٢٣)


الصفحة التالية
Icon