﴿اتخذوا أيمانهم﴾ أي: الكاذبة التي لا تهون على من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ﴿جنة﴾ وقاية وسترة من كل ما يفضحهم من النفاق كائناً ما كان ﴿فصدّوا﴾ أي: كان قبول ذلك منهم وتأخير عقابهم سبباً لإيقاعهم الصدّ ﴿عن سبيل الله﴾ أي: شرع الملك الأعلى الذي هو طريق إلى رضوانه الذي هو سبب الفوز العظيم فإنهم كانوا يثبطون من لقوا عن الدخول في الإسلام ويوهنون أمره ويحقرونه، ومن رآهم قد خلصوا من المكاره بأيمانهم الخائنة ودرّت عليهم الأرزاق استدراجاً، وحصلت لهم الرفعة عند الناس بما يرضونه من أقوالهم المؤكدة بالإيمان، غرّه ذلك فاتبع سنتهم في أقوالهم وأفعالهم ونسج على منوالهم غروراً بظاهر أمرهم معرضاً عما توعدهم الله تعالى عليه من جزاء خداعهم وأمرهم وأجرى الأمر على أسلوب التهكم باللام التي تكون في المحبوب فقال تعالى: ﴿فلهم﴾ أي: فتسبب عن صدّهم إنه كان لهم ﴿عذاب مهين﴾ جزاء بما طلبوا بذلك الصدّ إعزاز أنفسهم وإهانة أهل الإسلام
﴿لن تغنى﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿عنهم أموالهم﴾ أي: في الدنيا ولا في الآخرة بالافتداء ولا بغيره ﴿ولا أولادهم﴾ أي: بالنصرة والمدافعة ﴿من الله﴾ أي: أغناه مبتدأ من الملك الأعلى ﴿شيئاً﴾ ولو قل جدّاً فمهما أراد بهم سبحانه كان ونفذ ومضى لا يدفعه شيء تكذيباً لمن قال منهم: لئن كان يوم القيامة لنكوننّ أسعد فيه منكم كما نحن الآن ولننجونّ بأنفسنا وأموالنا وأولادنا ﴿أولئك﴾ أي: البعداء من كل خير ﴿أصحاب النار هم﴾ أي: خاصة ﴿فيها﴾ أي: خاصة ﴿خالدون﴾ أي: دائمون لازمون إلى غير نهاية
(١٢/٢٤)