وقوله تعالى: ﴿يوم﴾ منصوب باذكر أي: واذكر يوم ﴿يبعثهم الله﴾ أي: الذي له جميع صفات الكمال ﴿جميعاً﴾ فلا يترك أحداً منهم ولا من غيرهم إلا أعاده إلى ما كان قبل موته ﴿فيحلفون﴾ أي: فيتسبب عن ظهور القدرة التامّة لهم ومعاينة ما كانوا يكذبون به أنهم يحلفون ﴿له﴾ أي: لله في الآخرة أنهم مسلمون فيقولون: والله ربنا ما كنا مشركين ونحو ذلك ﴿كما يحلفون لكم﴾ في الدنيا أنهم مثلكم، وقال ابن عباس رضى الله عنهما: يحلفون لله تعالى يوم القيامة كذباً كما حلفوا لأوليائه في الدنيا وهو قولهم والله ربنا ما كنا مشركين. ﴿ويحسبون﴾ أي: في القيامة بأيمانهم الكاذبة ﴿أنهم على شيء﴾ أي: يحصل لهم به نفع بإنكارهم وحلفهم، وقيل: يحسبون في الدنيا أنهم على شيء، لأنهم في الآخرة يعلمون الحق باضطرار والأول أظهر والمعنى: أنهم لشدّة توغلهم في النفاق ظنوا يوم القيامة أنهم يمكنهم ترويج كذبهم بالأيمان الكاذبة على علام الغيوب.
وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه﴾ (الأنعام: ٢٨)
وعن ابن عباس رضى الله عنهما «أن رسول الله ﷺ قال: «ينادي مناد يوم القيامة أين خصماء الله تعالى فتقوم القدرية مسودّة وجوههم مزرقة أعينهم مائل شقهم يسيل لعابهم فيقولون والله ما عبدنا من دونك شمساً ولا قمراً ولا صنماً ولا اتخذنا من دونك إلهاً» قال ابن عباس رضى الله عنهما: صدقوا والله أتاهم الشرك من حيث لا يعلمون ثم تلا: ﴿ويحسبون أنهم على شيء﴾» وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة: بفتح السين، والباقون بكسرها ﴿ألا إنهم هم الكاذبون﴾ المحكوم بكذبهم في حسبانهم هم والله القدرية ثلاثاً.
(١٢/٢٥)


الصفحة التالية
Icon