(١٢/٨٤)
هي أحدهم فاستحضر رسول الله ﷺ حاطباً، وقال له: هل تعرف هذا الكتاب، قال: نعم، قال: فما حملك عليه، فقال: يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت، ولا غششتك منذ نصحتك، ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولكني كنت أمرأ ملصقاً في قريش، وروى عزيزاً فيهم أي: غريباً ولم أكن من أنفسها، وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري، فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يداً، وقد علمت أنّ الله تعالى ينزل عليهم بأسه، وإنّ كتابي لا يغني عنهم شيئاً فصدّقه وقبل عذره، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: «وما يدريك يا عمر لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ففاضت عينا عمر»، وقال: الله ورسوله أعلم. وإضافة العدوّ إلى الله تعالى تغليظاً في خروجهم، وهذه السورة أصل في النهي عن موالاة الكفار، وتقدّم نظيره في قوله تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء﴾ (آل عمران: ٢٨)
وقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم﴾ (آل عمران: ١١٨)
روي أنّ حاطباً لما سمع ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ غشي عليه من الفرح بخطاب الإيمان.
(١٢/٨٥)


الصفحة التالية
Icon