ثم إنه تعالى استأنف بيان هذا الاتخاذ بقوله تعالى مشيراً إلى غاية الإسراع والمبادرة إلى ذلك بالتعبير بقوله تعالى: ﴿تلقون﴾ أي: جميع ما هو في حوزتكم مما لا تطمعون فيه إلقاء الشيء الثقيل من علو ﴿إليهم﴾ على بعدهم منكم حساً، ومعنى ﴿بالمودّة﴾ أي: بسببها قال القرطبي: تلقون إليهم بالمودّة، يعني: بالظاهر لأنّ قلب حاطب كان سليماً بدليل أنّ النبيّ ﷺ قال: «أمّا صاحبكم فقد صدق» هذا نص في إسلامه وسلامة فؤاده وخلوص اعتقاده. وقرأ حمزة بضم الهاء، والباقون بكسرها. وقوله تعالى: ﴿وقد كفروا﴾ أي: غطوا جميع مالكم من الأدلة ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿جاءكم من الحق﴾ أي: الأمر الثابت الكامل في الثبات الذي لا شيء أعظم ثباتاً منه فيه أوجه:
أحدها: الاستئناف.
ثانيها: الحال من فاعل تتخذوا.
ثالثها: الحال من فاعل تلقون، أي: لا تتولوهم ولا توادّوهم، وهذه حالهم. وقوله تعالى: ﴿يخرجون الرسول﴾ يجوز أن يكون مستأنفاً، وأن يكون تفسير الكفر هم فلا محل له على هذين، وأن يكون حالاً من فاعل كفروا. وقوله تعالى: ﴿وآياكم﴾ عطف على الرسول وقدم عليهم تشريفاً له ﷺ وقوله تعالى: ﴿أن تؤمنوا﴾ أي: توقعوا حقيقة الإيمان مع التجدّد والاستمرار ﴿بالله﴾ أي: الذي اختص بجميع صفات الكمال ﴿ربكم﴾ أي: المحسن إليكم تعليل ليخرجون، والمعنى: يخرجون الرسول ويخرجونكم من مكة لأن تؤمنوا بالله، أي: لأجل إيمانكم بالله.
(١٢/٨٦)